كلام العرب (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) أي بحجة. أو في وقت من أوقاته. لأنه يوم طويل ذو مواقف ومواقيت. أو جعل نطقهم كلا نطق ، لأنه لا ينفع ولا يسمع فلا ينافي آية (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) [الأنعام : ٢٣] ، و (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) [النساء : ٤٢] ، و (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) [الزمر : ٣١] ، (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) أي لا يمهد لهم الإذن في الاعتذار ، لعدم قبول معذرتهم بقيام الحجة عليهم. وإنما لم يقل (فيعتذروا) محافظة على رؤوس الآي. وقيل : هو معطوف على (يُؤْذَنُ) منخرط معه في سلك النفي. والمعنى ولا يكون لهم إذن واعتذار متعقب له ، من غير أن يجعل الاعتذار مسببا عن الإذن (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ هذا يَوْمُ الْفَصْلِ) أي الحق بين العباد (جَمَعْناكُمْ) أي حشرناكم فيه (وَالْأَوَّلِينَ) أي من الأمم الهالكة (فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ) أي احتيال للتخلص من العذاب (فَكِيدُونِ) أي فاحتالوا له.
قال الزمخشري : تقريع لهم على كيدهم لدين الله وذويه ، وتسجيل عليهم بالعجز والاستكانة (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي فإنه لا حيلة لهم في دفع العقاب.
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ (٤١) وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٤٢) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٤٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٥) كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ) (٤٦)
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ) أي الذين اتقوا عقاب الله بأداء فرائضه واجتناب معاصيه (فِي ظِلالٍ) أي كنان من الحرّ والقرّ (وَعُيُونٍ) أي أنهار تجري خلال أشجار (وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ) أي يرغبون ، مقولا لهم : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أي في طاعتهم وعبادتهم وعملهم (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ) أي حظكم حظ من أجرم ، وهو الأكل والتمتع أياما قلائل ، ثم البقاء في الهلاك أبدا.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٧) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ (٤٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٩) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) (٥٠)