إلها. ويعبد عبادة الإله ، ويقصد فيما يقصد فيه الإله. بل لا يستحي الغالون منهم أن يعبروا عن والدته بأم الإله القادرة ، فإن المولود حادث ولا يكون إلا بمزاج ، وهو لا يسلم من عاقبة الفناء ، ودعوى أنه أزلي مع أبيه ، مما لا يمكن تعقله. فهو سبحانه منزه عن ذلك (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) أي ولم يكن أحد يكافئه أي يماثله من صاحبة أو غيرها. وقال الإمام : الكفؤ معناه المكافئ والمماثل في العمل والقدرة. وهو نفي لما يعتقده بعض الوثنيين في الشيطان مثلا. فقد نفى بهذه السورة جميع أنواع الإشراك. وقرر جميع أصول التوحيد والتنزيه. وقال ابن جرير : الكفؤ والكفئ والكفاء ، في كلام العرب ، واحد. وهو المثل والشّبه.
وقرئ (كُفُواً) بضم الكاف والفاء وقلب الهمزة واوا. وقرئ بتسكين الفاء وهمزها ، وهما قراءتان معروفتان ، ولغتان مشهورتان. و (له) صلة ل (كُفُواً) قدمت عليه ، مع أن حقها التأخر عنه ، للاهتمام بها ، لأن المقصود نفي المكافأة عن ذاته تعالى. وأما تأخير اسم كان فلمراعاة الفواصل.
فوائد من هذه السورة :
الأولى ـ قال الشهاب : فإن قلت المأمور : (قُلْ) من شأنه إذا امتثل أن يتلفظ بالمقول وحده ، فلم كانت (قُلْ) من المتلوّ فيه وفي نظائره في القراءة؟ قلت : المأمور به سواء كان معينا أم لا ، مأمور بالإقرار بالمقول. فأثبت القول ليدل على إيجاب مقوله ولزوم الإقرار به على مرّ الدهور.
الثانية : قال الإمام ابن تيمية : احتج بقوله تعالى : (اللهُ الصَّمَدُ) من أهل الكلام المحدث من يقول الرب تعالى جسم. كبعض الذين وافقوا هشام بن الحكم ومحمد بن كرام وغيرهما. قالوا : هو صمد ، والصمد الذي لا جوف له. وهذا إنما يكون في الأجسام المصمتة ، فإنها لا جوف لها ، كما في الجبال والصخور وما يصنع من عواميد الحجارة. ولهذا قيل في تفسيره إنه الذي لا يخرج منه شيء ولا يدخل فيه شيء ولا يأكل ولا يشرب. ونفي هذا لا يعقل إلا عما هو جسم. وقالوا : أصل الصمد : الاجتماع. ومنه تصميد المال. وهذا إنما يعقل في الجسم المجتمع. وأما النفاة فقالوا : الصمد الذي لا يجوز عليه التفرق والانقسام. وكل جسم في العالم يجوز عليه التفرق والانقسام. وقالوا أيضا : الأحد الذي لا يقبل التجزؤ والانقسام. وكل جسم في العالم يجوز عليه التفرق والتجزؤ والانقسام. وقالوا : إذا قلتم هو جسم كان مركبا مؤلفا من الجواهر الفردة أو من المادة والصورة. وما كان مركبا مؤلفا من غيره