و (مَلْعُونِينَ) منصوب على الحال من فاعل (يُجاوِرُونَكَ) و (ثُقِفُوا) بمعنى وجدوا. تقول ثقفت الرجل في الحرب أثقفه ، إذا أدركته وظفرت به.
وقوله : (أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) بيان لما يحيق بهم من عقوبات عند الظفر بهم.
أى : هم ملعونون ومطرودون من رحمة الله بسبب سوء أفعالهم ، فإذا ما أدركوا وظفر بهم ، أخذوا أسارى أذلاء ، وقتلوا تقتيلا شديدا ، وهذا حكم الله ـ تعالى ـ فيهم حتى يقلعوا عن نفاقهم وإشاعتهم قالة السوء في المؤمنين ، وإيذائهم للمسلمين والمسلمات.
ثم بين ـ سبحانه ـ أن سنته قد اقتضت تأديب الفجار والفسقة حتى يقلعوا عن فجورهم وفسقهم فقال : (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ.) .. وقوله : (لِسُنَّةِ) منصوب على أنه مصدر مؤكد. أى : سن الله ـ تعالى ـ ذلك سنة ، في الأمم الماضية من قبلكم ـ أيها المؤمنون ـ بأن جعل تأديب الذين يسعون في الأرض بالفساد ، ويؤذون أهل الحق ، سنة من سننه التي لا تتخلف.
(وَلَنْ تَجِدَ) ـ أيها الرسول الكريم ـ (لِسُنَّةِ اللهِ) الماضية في خلقه (تَبْدِيلاً) أو تحويلا ، لقيامها على الإرادة الحكيمة ، والعدالة القويمة.
ثم بين ـ سبحانه ـ أن وقت قيام الساعة لا يعلمه إلا هو فقال : (يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ ، قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ ، وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً).
والسائلون هنا قيل : هم اليهود ، وسؤالهم عنها كان بقصد التعنت والإساءة إلى النبي صلىاللهعليهوسلم.
أى : يسألك اليهود وأشباههم في الكفر والنفاق عن وقت قيام الساعة ، على سبيل التعنت والامتحان لك.
(قُلْ) لهم ـ أيها الرسول الكريم ـ (إِنَّما) علم وقت قيامها عند الله ـ تعالى ـ وحده ، دون أى أحد سواه.
(وَما يُدْرِيكَ) أى : وما يعلمك (لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) أى. لعل قيامها وحصولها يتحقق في وقت قريب ؛ ولكن هذا الوقت مهما قرب لا يعلمه إلا علام الغيوب ـ سبحانه ـ.
ولقد كان النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «بعثت أنا والساعة كهاتين» ويشير إلى إصبعيه السبابة والوسطى.