وفي رواية عنه : السابق بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب ، والمقتصد يدخل الجنة برحمة الله ـ تعالى ـ ، والظالم لنفسه يدخل الجنة بشفاعة الرسول صلىاللهعليهوسلم.
وفي الحديث الشريف : «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتى» ..
وقال آخرون : الظالم لنفسه : هو الكافر.
والصحيح أن الظالم لنفسه من هذه الأمة ، وهذا اختيار ابن جرير كما هو ظاهر الآية ، وكما جاءت به الأحاديث عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم من طرق يشد بعضها بعضا.
ثم أورد الإمام ابن كثير بعد ذلك جملة من الأحاديث منها : ما أخرجه الإمام أحمد عن أبى سعيد الخدري عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال في هذه الآية : «هؤلاء كلهم بمنزلة واحدة ، وكلهم في الجنة».
ومعنى قوله «بمنزلة واحدة» أى : في أنهم من هذه الأمة ، وأنهم من أهل الجنة ، وإن كان بينهم فرق في المنازل في الجنة» (١).
وقال الإمام ابن جرير : فإن قال لنا قائل : إن قوله (يَدْخُلُونَها) إنما عنى به المقتصد والسابق بالخيرات؟
قيل له : وما برهانك على أن ذلك كذلك من خبر أو عقل؟ فإن قال : قيام الحجة أن الظالم من هذه الأمة سيدخل النار ، ولو لم يدخل النار من هذه الأصناف الثلاثة أحد ، وجب أن لا يكون لأهل الإيمان وعيد.
قيل : إنه ليس في الآية خبر أنهم لا يدخلون النار ، وإنما فيها إخبار من الله ـ تعالى ـ أنهم يدخلون جنات عدن : وجائز أن يدخلها الظالم لنفسه بعد عقوبة الله إياه على ذنوبه التي أصابها في الدنيا ... ثم يدخلون الجنة بعد ذلك ، فيكون ممن عمه خبر الله ـ تعالى ـ بقوله : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها) (٢).
وقال الشوكانى : والظالم لنفسه : هو الذي عمل الصغائر. وقد روى هذا القول عن عمر ، وعثمان ، وابن مسعود ، وأبى الدرداء ، وعائشة. وهذا هو الراجح ، لأن عمل الصغائر لا ينافي الاصطفاء ، ولا يمنع من دخول صاحبه مع الذين يدخلون الجنة يحلون فيها من أساور ... ووجه كونه ظالما لنفسه ، أنها نقصها من الثواب بما فعل من الصغائر المغفورة له ، فإنه لو عمل مكان تلك الصغائر طاعات ، لكان لنفسه فيها من الثواب حظا عظيما .. (٣).
__________________
(١) راجع تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٥٣٢.
(٢) راجع تفسير ابن جرير ج ٢٢ ص ٩٠.
(٣) تفسير الشوكانى ج ٤ ص ٣٤٩.