وقال آخرون (١) : يتوفاه أعوان ملك (٢) الموت ، ثم يقبضه ملك الموت ويتوفاه.
وقال قائلون (٣) : يكون معه ملائكة تقبض الأنفس ، ويتوفاه ملك الموت (٤).
لكن [ذكر](٥) ذلك لا ندري أن كيف هو ،؟ ليس بنا إلى معرفة ذلك حاجة ، ولكن إلى معرفة ما ذكرنا.
وقوله : (وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) فيه إخبار عن شدة طاعة الملائكة ربهم ، وأن الرأفة لا تأخذهم فيما فيه تأخير أمر الله وتفريطه ؛ لأن من دخل على من في النزع ، أخذته من الرأفة ما لو ملك حياته لبذل له ، فأخبر (٦) عزوجل أنهم لا يفرطون فيما أمروا ولا يؤخرونه ؛ لتعظيمهم أمر الله وشدة طاعتهم له ، وعلى ذلك وصفهم : (غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) [التحريم : ٦] ، وقال ـ عزوجل ـ : (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) [الأنبياء : ٢٧] ، وقال : (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ) [الأنبياء : ١٩].
وقوله ـ عزوجل ـ : (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ).
ذكر الرد إلى الله ، وأنه مولاهم الحق ، وإن كانوا في الأحوال كلها مردودين إلى الله ، وكان مولاهم الحق في الدنيا والآخرة.
وكذلك قوله : (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً) [إبراهيم : ٢١] وكذلك قوله : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) [غافر : ١٦] كان الملك له في الدنيا والآخرة ، وكانوا بارزين له جميعا في الأوقات كلها ؛ لما كانوا أصحاب الشكوك ، فارتفع ذلك عنهم ، وخلص بروزهم وردهم إلى الله خالصا لا شك فيه ؛ وكذلك كان الملك [له](٧) في الدنيا والآخرة وهي الأيام كلها ، لكن نازعه (٨)
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٥ / ٢١٤ ـ ٢١٥) (١٣٣٢٨ ، ١٣٣٢٩) ، (١٣٣٢٣ ، ١٣٣٣٣ ، ١٣٣٣٨) عن ابن عباس.
وعن إبراهيم النخعي (١٣٣٣٠ ، ١٣٣٣٤ ، ١٣٣٣٧ ، ١٣٣٣٩ ، ١٣٣٤٠).
وعن قتادة (١٣٣٣٥ ، ١٣٣٣٦) ، وعن الربيع بن أنس (١٣٣٤١) وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٣٠ ـ ٣١) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن ابن عباس ولعبد الرزاق وأبي الشيخ عن قتادة ، ولأبي الشيخ عن الربيع بن أنس.
(٢) في ب : ذلك.
(٣) في ب : آخرون.
(٤) أخرجه ابن جرير (٥ / ٢١٤ ـ ٢١٥) (١٣٣٣١) عن إبراهيم وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٣٠) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٥) سقط في ب.
(٦) في ب : وأخبر.
(٧) سقط في أ.
(٨) في ب : نازع.