لتتخلص مما حل بها ، لم يؤخذ منها ولم يقبل منها ذلك.
وقال الحسن (١) : العدل : كل عمل البر والخير ، أي : وإن عملت كل عمل البر والخير من الفداء والتوبة ، لم يقبل منها ذلك ؛ يخبر أن الدار الآخرة ليست بدار العمل ، ولا يقبل فيها الرشا (٢) كما تقبل في الدنيا ، وأخبر ألا يكون شفعاء يشفعون لهم ، ولا أولياء ينصرونهم ، ليس كالدنيا ؛ لأن من أصابه في هذه الدنيا شيء ، أو حل به عذاب أو غرامة ـ فإنما يدفع بإحدى هذه الخلال الثلاثة ، إما بشفعاء يشفعونه ، أو بأولياء ينصرونه ، أو بالرشا ، فأخبر أن الآخرة ليست بدار تقبل فيها الرشا ، فتدفع ما حل بهم ، أو أولياء ينصرونهم في دفع ذلك عنهم ، أو شفعاء يشفعونهم.
فإن قيل : ما معنى ذكر العدل والفداء ، وليس عنده ما يفدي [ولا يبذل وما يمكّن](٣) من العمل؟
قيل : معناه ـ والله أعلم ـ أي : لو مكن لهم من الفداء ما يفدون في دفع ذلك عن أنفسهم ، ومكن لهم من العمل ما لو عملوا ، لم يقبل ذلك منهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا).
قد ذكرنا الاختلاف في الإبسال ، وأصله : الإسلام يسلمون لما اكتسبوا لا يكون لهم
__________________
(١) قال ابن قتيبة في مجاز القرآن (ص ١٩٥).
مجازه : وإن تقسط كل قسط لا يقبل منها لأنما التوبة في الحياة.
قال أبو حيان في البحر المحيط (٤ / ١٦٠) : ونقل عن أبي عبيدة أن المعنى : (....... وإن تقسط كل قسط بالتوحيد والانقياد بعد العناد).
(٢) من الرشوة بكسر الراء وضمها والجمع رشا بكسر الراء وضمها ، وقد رشاه من باب عدا ، وارتشى أخذ الرشوة واسترشى في حكم طلب الرشوة عليه ، وأرشاه : أعطاه الرشوة.
وقال ابن الأثير : الرشوة : الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة ، وأصله من الرشاء الذي يتوصل به إلى الماء.
وقال أبو العباس : الرشوة مأخوذة من رشا الفرخ إذا مد رأسه إلى أمه لتزقه.
وراشاه : حاباه ، وصانعه ، وظاهره.
وقد تسمى الرشوة البرطيل وجمعه براطيل. قال المرتضى الزبيدي : واختلفوا في البرطيل بمعنى الرشوة ، هل هو عربي أو لا؟
وفي المثل : البراطيل تنصر الأباطيل.
والرشوة في الاصطلاح : ما يعطى لإبطال حق ، أو لإحقاق باطل.
وهو أخص من التعريف اللغوي ، حيث قيد بما أعطي لإحقاق الباطل ، أو إبطال الحق.
ينظر المصباح المنير (رشا) والنهاية في غريب الحديث (٢ / ٢٢٦) دار الفكر بيروت التعريفات للجرجاني (١٤٨) دار الكتاب العربي والرهوني علي الزرقاني (٧ / ٢٩٤) طبعة بولاق ، حاشية الباجوري علي ابن القاسم (٢ / ٣٤٣).
(٣) في ب : ولا يترك وما ذكر.