أمر رسوله أن يقتدي بهم بذلك ، وذلك يدل على أن الأنبياء والرسل كانوا على دين واحد ، وأن الدين لا يحتمل النسخ والتغيير.
ألا ترى (١) أنه قال في آية أخرى : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً) [الشورى : ١٣] أخبر [أنه شرع لنا الدين الذي وصى به نوحا](٢) ، وذلك يدل [على](٣) أن الدين واحد لا يحتمل النسخ ، وأما الشرائع : فهي مختلفة ؛ لأنها تحتمل النسخ ، وتحتمل الأمر بالاقتداء بهم ما ذكر.
(قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) أي : اقتد بمن تقدم من الرسل ، ولا تأخذ على تبليغ الرسالة أجرا كما لم يأخذوا هم.
وفي قوله : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) دليل نقض قول من يجيز أخذ الأجر على تعليم القرآن والعلم ورواية الحديث وغير ذلك من العبادات (٤) ؛ وكذلك قوله :
__________________
ـ واصطلاحا عرفه الحنفية بأنه : عبارة عن إمساك مخصوص ، وهو الإمساك عن المفطرات الثلاثة ، بصفة مخصوصة.
وعرفه الشافعية بأنه : إمساك عن مفطر ، بنية مخصوصة ، جميع نهار ، قابل للصوم.
وعرفه المالكية بأنه : إمساك عن شهوتي البطن والفرج ، في جميع النهار بنية.
وعرفه الحنابلة بأنه : إمساك عن أشياء مخصوصة. ينظر : الصحاح (٥ / ١٩٧٠) ، ترتيب القاموس (٢ / ٨٧١) ، المصباح المنير (٢ / ٤٨٢) ، لسان العرب (٤ / ٢٥٢٩) ، الاختيار (١٥٨) بدائع الصنائع (٣ / ١٠٥٥) ، المبسوط (٣ / ١١٤) مغني المحتاج (١ / ٤٢٠) ، المجموع (٦ / ٢٤٧) ، الشرح الكبير بحاشية الدسوقي (١ / ٥٠٩) ، الكافي (١ / ٣٥٢) ، كشاف القناع (٢ / ٢٩٩) ، المغني (٦ / ١٨٦).
(١) زاد في أ : إلى.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في ب.
(٤) اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز الاستئجار على أداء فروض الأعيان من صلاة ، وصيام وحج بمعنى أنه لا يصح لإنسان أن يستأجر غيره على أداء ما ذكر عن المؤجر ، أو عن المستأجر ؛ لأن نفعه لا يتعدى فاعله فلا يستحق في مقابلته أجرا ، وبيان هذا أنه إن كان العمل متعينا على الأجير لزمه القيام به عن نفسه ، وبه تعود منفعته عليه ، ولا يجوز له أخذ الأجرة على ما عمل ضرورة أن من وجب عليه عمل فأداه لا يجوز له أن يأخذ عليه أجرا ، كما إذا قضى دينا عليه ، وإن كان العمل متعينا على المستأجر لزمه القيام به بنفسه ولا يقوم غيره مقامه في أدائه ؛ لأن التكاليف مقصود منها اختبار الشخص ومعرفة مقدار خضوعه وانقياده للتكاليف المطلوبة منه ، ولو قام غيره مقامه ، فلا يتحقق المعنى المقصود من التكاليف وهذا قدر متفق عليه بين الفقهاء ، ولكننا نراهم بعد ذلك اختلفوا فمنهم من اقتصر في المنع على فروض الأعيان وما شابهها في الصورة كنوافل الصلاة ، وأجاز في غيرها ، ومنهم من منع فيها وفي غيرها ، وتفصيل هذا فيما يلي :
أولا : أن المالكية قالوا إن كل عبادة تعينت على الأجير أو المستأجر لا يجوز الاستئجار على فعلها كالصلاة ، والصوم ، والحج المكتوبات ويلحق بذلك ما شابهه في الصورة كالصلاة على الميت وركعتي الفجر ، فكل هذا لا يقبل النيابة ، فلا تصح الإجارة عليه ، وأما ما يقبل النيابة ، وهو ما عدا ما ـ