[المائدة : ١٣].
الثاني : أنه قد أقام عليهم الحجج وظهرت عندهم البراهين ، لكنهم كابروا وعاندوا ، فأمره أن يذرهم لا يقيم عليهم الآيات والحجج بعد ذلك ، ولكن يدعوهم (١) إلى التوحيد لا يذر (٢) دعاءهم إلى التوحيد ، ولكن يذرهم (٣) ولا يقيم (٤) عليهم الحجج.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فِي خَوْضِهِمْ) ؛ أي : في باطلهم وتكذيبهم يعمهون.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ).
قيل (٥) : القرآن أنزلناه مباركا ؛ سماه مرة : مباركا (٦) ، ومرة نورا (٧) ، ومرة هدى (٨) ورحمة (٩) ، ومرة شفاء (١٠) ، ومجيدا (١١) وكريما (١٢) وحكيما (١٣) ، وليس يوصف هو في الحقيقة بنور ، ولا مبارك ، ولا رحمة ، ولا هدى ، ولا شفاء ، ولا مجيد ، ولا كريم ولا حكيم ؛ لأنه صفة ولا يكون للصفة صفة توصف بها ، ولو (١٤) كان هو في الحقيقة نورا ،
__________________
(١) في أ : تدعوهم.
(٢) في أ : تذر.
(٣) في أ : تذرهم.
(٤) في أ : تقيم.
(٥) ذكره ابن جرير (٥ / ٢٦٧) والسيوطي في الدر (٣ / ٥٥) وعزاه لابن أبي حاتم عن قتادة. وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى ، أو كماله في أمر من الأمور. أما ترى أن كثرة أسماء الأسد دلت على كمال قوته ، وكثرة أسماء القيامة دلت على كمال شدتها وصعوبتها ، وكثرة أسماء الداهية دلت على شدة نكايتها. وكذلك كثرة أسماء الله تعالى دلت على كمال جلال عظمته ، وكثرة أسماء النبي صلىاللهعليهوسلم دلت على علو رتبته ، وسمو درجته. وكذلك كثرة أسماء القرآن دلت على شرفه وفضيلته. ينظر بصائر ذوي التمييز (١ / ٨٨).
(٦) في قوله تعالى : (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) [الأنعام : ٩٢].
(٧) في قوله تعالى : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الأعراف : ١٥٧].
(٨) في قوله تعالى : (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة : ٢].
(٩) في قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [النمل : ٧٧].
(١٠) في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [يونس : ٥٧].
(١١) في قوله تعالى : (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) [البروج : ١٥].
(١٢) في قوله تعالى : (لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ) [الواقعة : ٤٤].
(١٣) في قوله تعالى : (وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) [يس : ٢].
(١٤) في ب : ولكن.