ورحمة ، وهدى أو ما ذكر [لكان يكون لكل واحد نورا وما ذكر](١) ، فلما ذكر أنه عمى على بعض ، وأخبر أنه يزداد بذلك رجسا إلى رجسهم دل أنه ليس هو في الحقيقة كذلك ؛ لأنه لو كان كذلك لكان لكل أحد ، لكن سماه بهذه الأسماء :
سماه نورا لما يصير نورا للمسترشدين ، ويصير شفاء ورحمة للمتبعين ليشفوا [من](٢) الداء الذي يحل في الدين. وسماه روحا لما يحيى به الدين. وسماه حكيما لما يصير من عرف بواطنه واتبعه حكيما.
وكذلك سماه مجيدا كريما لما يدعو الخلق إلى المجد والكرم ، فمن اتبعه تخلق بأخلاق حميدة ؛ فيصير مجيدا كريما.
وسماه مباركا لما به ينال كل بركة ، [والبركة اسم لشيئين : اسم كل بر وخير والثاني :](٣) اسم لكل ما [يثمر وينمو](٤) في الحادث ، فمن اتبعه نال به كل بر وخير وكل ثمرة ونماء في الحادث ؛ هذا وجه الوصف بما ذكرنا (٥).
وقوله ـ عزوجل ـ : (مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ)
من الكتب ؛ لأنه كان يدعو الخلق إلى ما كان يدعو سائر الكتب التي أنزلها على الرسل ، من توحيد الله والنهي عن إشراك غيره في الألوهية والربوبية ، ويدعو إلى كل عدل وإحسان ، وينهى عن كل فاحشة ومنكر ؛ وكذلك سائر الكتب دعت الخلق إلى ما دعا هذا ، لم يخالف بعضهم بعضا ، [بل كانت موافقة بعضها](٦) لبعض ؛ لذلك قال : (مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها)
قيل (٧) : أم القرى : مكة (٨) ، وسميت أم القرى لوجهين :
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في ب.
(٣) سقط في أ.
(٤) في ب : يتم وينمو.
(٥) في ب : بما ذكر.
(٦) سقط في ب.
(٧) في أ : وقيل.
(٨) أخرجه ابن جرير (٥ / ٢٦٧) (١٣٥٥٤ ، ١٣٥٥٥) عن ابن عباس ، (١٣٥٥٦ ، ١٣٥٥٧) عن قتادة (١٣٥٥٨) عن السدي.
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٥٥) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس ، ولابن أبي حاتم عن السدي ولعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة ، ولابن مردويه عن بريدة مرفوعا.