ظهوركم ، إنما نظرتم إلى أعمالكم التي قدمتموها.
والثاني : لم تقدموا ما خولناكم ، ولم تنتفعوا منه ، بل تركتموه وراء ظهوركم لا تنتفعون به ، إنما منفعتكم ما قدمتموه وأنفقتم منه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (خَوَّلْناكُمْ).
قيل (١) : أعطيناكم.
وقيل : رزقناكم.
وقيل (٢) : مكناكم (٣) ؛ وهو واحد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ).
أنهم كانوا يجعلون لله شركاء في عبادته وألوهيته ، ويقولون : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [يونس : ١٨] و : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣] ، يقول الله : وما نرى [معكم شفعاءكم](٤) الذين زعمتم أنهم شركاء لله في عبادتكم ، وزعمتم أنهم شفعاؤكم عند الله بل شغلوا هم بأنفسهم ؛ يخبر عن سفههم وقلة نظرهم فيهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) : قرئ (٥) بالرفع والنصب جميعا.
فمن قرأ بالرفع (٦) يقول : لقد تقطع تواصلكم.
__________________
(١) ذكره البغوي في تفسيره (٢ / ١١٦) وابن جرير (٥ / ٢٧٣) وابن عادل في اللباب (٨ / ٢٩٤).
(٢) قال ابن قتيبة (ص / ١٥٧) أي ملكناكم ، وينظر تفسير القرطبي (٧ / ٢٩) ، وتفسير الخازن (٢ / ٤١٥).
(٣) في ب : ملكناكم.
(٤) في أ : شفعاء.
(٥) قرأ نافع ، والكسائي ، وعاصم في رواية حفص عنه (بينكم) نصبا ، والباقون (بينكم) رفعا.
ينظر الدر المصون (٣ / ١٢٦) ، البحر المحيط (٤ / ١٨٦) ، إتحاف فضلاء البشر (٢ / ٢٢ ـ ٢٣) ، الحجة لأبي زرعة (٢٦١ ـ ٢٦٢) ، السبعة (٢٦٣) ، النشر (٢ / ٢٦٠) ، التبيان (١ / ٥٢٢) ، الزجاج (٢ / ٣٠٠) ، الفراء (١ / ٣٤٥) ، المشكل (١ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣) ، المستدرك (٢ / ٢٣٨) الحجة (٢٦٣).
(٦) وقراءة الرفع فيها ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه اتسع في هذا الظرف ، فأسند الفعل إليه ، فصار اسما كسائر الأسماء المتصرف فيها ، ويدل على ذلك قوله تعالى : (وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ)[فصلت : ٥] فاستعمله مجرورا ب (من) وقوله تعالى : (فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ)[الكهف : ٧٨](مَجْمَعَ بَيْنِهِما)[الكهف : ٦١](شَهادَةُ بَيْنِكُمْ)[المائدة : ١٠٦] وحكى سيبويه : (هو أحمر بين العينين) وقال عنترة :
وكأنما أقص الإكام عشية |
|
بقريب بين المنسمين مصلم |
وقال مهلهل :
كأن رماحنا أشطان بئر |
|
بعيدة بين جاليها جرور |
فقد استعمل في هذه المواضع كلها مضافا إليه متصرفا فيه ، فكذا هنا ، ومثله قوله :
....................................... |
|
وجلدة بين الأنف والعين سالم ـ |