ويقال (١) : القبيل : الكفيل ؛ كقوله : (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) [الإسراء : ٩٢] ، أي : ضمينا كفيلا (٢).
قال الكيساني : من قرأها (قُبُلاً) فقد تكون (٣) جمع (القبيل) (٤) ؛ مثل (الجبيل) و (الجبل) ، وقد يكون (القبيل) (٥) ـ أيضا ـ من معنى الإقبال ؛ كقوله : من قبل ومن دبر (٦).
ومن قرأها (قبلا) : أراد معاينة (٧).
وقال أبو عوسجة (٨) : (كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً) ، يقال أتانا الناس قبلا ، أي : كلهم ؛ وقبلا : من المقابلة ، وتأويله ما ذكرنا : أن لو فعلنا هذا كله : من إنزال الملائكة إليهم ، وتكليم (٩) الموتى إياهم ، (وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً) ، فأخبروهم بالذي يقول محمد إنه حق (ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) لهم الإيمان فيؤمنوا ، وفيه ما ذكرنا من الدليل أن الآيات لا تضطر أهلها إلى الإيمان بها إلا أن يشاء الله أن يؤمنوا ؛ فحينئذ يؤمنون.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ).
أي : لكن أكثرهم لا ينتفعون بعلمهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا).
قيل (١٠) : كما جعلنا لكل نبي [من قبل](١١) عدوا كذلك نجعل لك عدوا ، [ويحتمل
__________________
(١) قال الفراء والزجاج : قبيل بمعنى : كفيل أي : كفيلا بصدق محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ ويقال : قبلت الرجل أقبله قبالة بفتح الباء في الماضي والقاف في المصدر ، أي : تكفلت به ، والقبيل ، والكفيل ، والزعيم ، والأذين والضمين ، والحميل ، بمعنى واحد.
وإنما سميت الكفالة قبالة ؛ لأنها أوكد تقبل ، وباعتبار معنى الكفالة سمي العهد المكتوب : قبالة.
وقال الفراء في سورة الأنعام : «قبلا» جمع «قبيل» وهو «الكفيل» قال : وإنما اخترت هنا أن يكون القبل في معنى الكفالة ، لقولهم : (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً)[الإسراء : ٩٢] يضمنون ذلك.
ينظر معاني القرآن للفراء (١ / ٣٥٠) ، وللزجاج (٢ / ٣١١).
(٢) في ب : ضمنا وكفلا.
(٣) في أ : يكون.
(٤) والمعنى : وحشرنا عليهم كل شيء قبيلا قبيلا ، أي جماعة جماعة ، ينظر حجة القراءات لابن زنجلة ص (٢٦٧).
(٥) في ب : القبل.
(٦) ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة (١ / ٢٠٤) ومعاني القرآن للفراء (١ / ٣٥١) وللزجاج (٢ / ٣١١).
(٧) ينظر المصادر السابقة.
(٨) أخرجه ابن جرير (٥ / ٣١٣) (١٣٧٦٦) عن ابن عباس بنحوه ، و (١٣٧٦٧) عن ابن زيد بنحوه.
(٩) في أ : وتكليمهم.
(١٠) ينظر تفسير ابن جرير (٥ / ٣١٣) وتفسير الخازن والبغوي (٢ / ٤٣٠).
(١١) سقط في ب.