الآية (١) دلالة أن أكثر أهل الأرض كانوا ضلالا ، [وعباد الأوثان ، والأصنام](٢) ؛ لأنه قال : (أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ).
وقوله ـ عزوجل ـ : (يُضِلُّوكَ) لأنهم إلى (٣) الضلال كانوا يدعونه.
ثم الخطاب وإن كان لرسول الله في الظاهر ، فهو لكل (٤) مؤمن ؛ إذ معلوم أن رسوله لا يطيعهم فيما [يدعونه إلى عبادة الأوثان في الأرض](٥).
وفيه أن في الأرض كان من يعبد الله وكان على دين الأنبياء والرسل.
وقوله : (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) ذكر في القصة أن أهل الكفر دعوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى عبادة الأوثان ، ويقولون : إنهم يعبدون الله في الحقيقة ؛ كقولهم : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣] ويقولون (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [يونس : ١٨] كأنهم يعبدون الأوثان ويرتكبون الفواحش ويقولون الله أمرنا بها فأخبر رسوله : أنك لو أطعت هؤلاء إلى ما يدعونك من عبادة هذه الأصنام [أضلوك عن سبيل الله ؛ لأنهم لا يعبدون هذه الأصنام](٦) إلا ظنّا يظنون ؛ كقوله : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) أي : (ما يتبعون إلا الظن) (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) ما هم إلا يكذبون (٧) على الله في قولهم : إن ذلك يقربهم إلى الله زلفى ، وقولهم : (وَاللهُ أَمَرَنا بِها) [الأعراف : ٢٨].
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) يعلم من يزيغ ويضل عن سبيله (وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) ، ويعلم من يهتدي به.
وفي قوله : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ). دلالة [على أنه](٨) على علم منه بالضلال والتكذيب بعث الرسل إليهم وأرسل الكتب ، لا عن جهل منه ، لكن صار بعث ما بعث من الرسل والكتب إليهم حكمة على علم منه بما يكون منهم ؛ لأنه إنما يبعث لمكان المرسل (٩) إليهم ولحاجتهم.
__________________
(١) في أ : والآية.
(٢) في ب : الأصنام والأوثان.
(٣) في أ : أي أهل.
(٤) في أ : كل.
(٥) بدل ما بين المعقوفين في ب : يدعون هم إليه.
(٦) سقط في أ.
(٧) في أ : يكذبونك.
(٨) سقط في ب.
(٩) في أ : الرسل.