وقوله ـ عزوجل ـ : (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) هذا تفسير التمام : أنها تمت تماما لا يرد عليها النقص (١) ولا الجور ولا الخلف (٢) ، ليس ككلمات الخلق (٣) ؛ أنها تبدل وتنقص (٤) وتمنع ؛ لما يكون فيها من النقصان والفساد ، فإنها تبدل وتنقص ويعجزون عن وفاء ما وعدوا ، ويمنعون عن ذلك ، فالله يتعالى عن أن يبدل كلماته ، أو يمنع عن وفاء ما وعد وأنبأ ؛ إذ يجوز في حكمه.
ويجوز أن يستدل بقوله : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً) لقول أصحابنا ؛ حيث قالوا (٥) : من قال لامرأته : (أنت طالق (٦) أتم الطلاق وأعدل الطلاق) فإنه يقع بما وافق السنة ، ليس يرجع ذلك إلى [التمام وإلى] العدد ؛ لأنه أخبر أن تمت كلمته صدقا وعدلا ، والموافق للسنة هو الحق وهو العدل (٧).
ويحتمل الاستبدال لكلماته (٨)(لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) أي : لا مبدل لوعده ووعيده ؛ يكون ما وعد وأوعد.
ويحتمل : لا مبدل لحججه وبراهينه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُوَ السَّمِيعُ) أي : السميع بما ألقى الشياطين (٩) وأوحى بعضهم إلى بعض (الْعَلِيمُ) بأفعال هؤلاء وإجابتهم إياهم وأهل التأويل يصرفونه إلى خاص من القول ؛ وبعضهم (١٠) يقولون : إن قوله : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً) هو قوله : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) [السجدة : ١٣].
وقال آخرون : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم دعاه أهل الكفر إلى عبادة الأوثان.
ولكن هو يرجع ـ والله أعلم ـ إلى كل نبأ ووعد ووعيد وكل خبر يخبر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) في
__________________
(١) في أ : النقض.
(٢) الخلف : اسم من الإخلاف وهو معروف ، ينظر المعجم الوسيط (١ / ٢٥١) [خلف].
(٣) زاد في ب : الخلق.
(٤) في أ : وتنقض.
(٥) في أ : قال.
(٦) سقط في أ.
(٧) ينظر المبسوط (٦ / ١٣٥).
(٨) زاد في ب : أي.
(٩) في أ : الشيطان.
(١٠) في أ : بعضهم.