كل أحد علم ذلك وبيانه ، فأنى تقع (١) بي الحاجة إلى حكم غيره.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِ) اختلف فيه :
قيل (٢) : الذين آتيناهم الكتاب أي : أهل التوراة ، والإنجيل يعلمون أنه منزل من ربك بالحق.
وقيل (٣) : (وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) ؛ يعني : من أعطى هذا الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق ؛ لما (٤) عجزوا عن إتيان مثله وتأليفه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ).
يحتمل : [لا تكونن من الممترين](٥) : أنهم قد غيروا ما في كتابهم من الأحكام ومن نعتك وصفتك.
ويحتمل : فلا تكونن من الممترين : أنه من عند الله نزل ، مع علمه أن رسوله لا يكون من الممترين ؛ ليعلم الخلق أنه إذا نهى رسوله عن مثل هذا ، فغيره أحق.
أو أن يخاطب (٦) من طلب حكم غيره ، ويقول (٧) : لا تكونن من الممترين أنه من عند الله نزل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً).
قيل (٨) : صدقا في الأنباء والوعد ، وعدلا في الأحكام.
تمت أنباؤه بالصدق وأحكامه بالعدل ؛ حتى يعرف كل أحد صدق أنبائه وعدل أحكامه.
وقيل : وتمت كلمة (٩) ربك صدقا وعدلا بالحجج والبراهين ؛ لما يعرف كل من تأمل فيها ونظر صدقها وعدلها : أنها من الله.
__________________
(١) في أ : يقع.
(٢) ذكره ابن جرير بنحوه (٥ / ٣١٨) ، وأبو حيان في البحر (٤ / ٢١٢) ، والبغوي في تفسيره (٢ / ١٢٥).
(٣) ذكره أبو حيان في البحر (٤ / ٢١٢) ونسبه لعطاء بنحوه.
(٤) في ب : بما.
(٥) بدل ما بين المعقوفين في أ : لا تكون.
(٦) في ب : أن تخاطب.
(٧) في ب : تقول.
(٨) أخرجه ابن جرير (٥ / ٣١٩) (١٣٧٩٣) عن قتادة بنحوه وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٧٥) وعزاه لعبد ابن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٩) في ب : كلمات.