والكافر لم يكتسب من ذلك شيئا ؛ فهو كالميت الذي لا يبصر ولا يسمع الحق ولا يعقل.
ويحتمل هذا المثل وجها آخر ، وهو أن المؤمن يكتسب في الدنيا الخيرات ، والأعمال الصالحة ، ويكون له نور في الآخرة بالأعمال التي اكتسب في الدنيا ، ويمشي بنور ذلك فيما بين الناس في الآخرة ، وأما الكافر فإنه لم يكتسب من ذلك شيئا ؛ فيبقى (١) في الظلمات ، كقوله : (قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً) [الحديد : ١٣].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) : والمعتزلة يقولون : [هم](٢) جعلوا لأنفسهم نورا يمشون [به](٣) في الناس ، وقد أخبر أنه هو الذي يجعل لهم ذلك النور ؛ فذلك تحريف منهم ظاهر للقرآن.
وكذلك قوله : (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [المائدة : ١٢٠] : وهم يقولون : هو قدير (٤) على بعض الأشياء.
وقال : (خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ) [الأنعام : ١٠٢] : وهم يقولون : [هو](٥) خالق بعض الأشياء.
وقال : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ) [الأنعام : ١١٢] وهم يقولون : يشاء ألا يفعلوا ما فعلوا ، ولكن فعلوا غير ما شاء الله.
وكذلك [قوله](٦) : (جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا) [الأنعام : ١١٢] : وهم يقولون : لم يجعل لكل نبي عدوّا وهم جعلوا أنفسهم لهم أعداء.
وكذلك قوله : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها) [١٢٣] : وهم يقولون : جعل الأكابر فيها ؛ لئلا يمكروا فيها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
اختلف [فيه](٧) :
قال بعضهم : كما زينا للمؤمنين عبادة الله كذلك زينا للكافرين عبادة الله ، لكنهم عاندوا وصرفوا العبادة إلى غير الله ، وهو تأويل المعتزلة.
__________________
(١) في ب : فيقر.
(٢) سقط في ب.
(٣) سقط في أ.
(٤) في أ : قدر.
(٥) سقط في ب.
(٦) سقط في أ.
(٧) سقط في أ.