وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ).
لأنه غني بذاته لم يخلقكم لمنافع نفسه أو لحاجته ، إن شاء أذهبكم واستخلف غيركم ، ولو كان خلقه الخلق لمنافع نفسه لكان لا يذهب بهم ويستخلف [من](١) بعدهم ما يشاء.
(كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ).
يخبر عن غناه عنهم ، وعن سلطانه ، وقدرته أنه يقدر على إهلاككم واستئصالكم وإنشاء قوم آخرين.
كأن خلق الخلائق من جواهر مختلفة لا توالد فيهم ، ثمّ جعل في الآخر التوالد والتناسل ويستخلف بعض من بعض بالتوالد والتناسل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ).
من الوعد والوعيد.
أو أن يكون قوله : (إِنَّ ما تُوعَدُونَ) : من النصر لرسوله والمعونة له لآت وكائن.
(وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ).
قيل (٢) : بفائتين ربكم.
وقيل (٣) : وما أنتم سابقين (٤) الله بأعمالكم الخبيثة حتى لا يجزيكم الله بها. وأصله : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) ، أي : لا تعجزون ربكم عن تعذيبكم وعقوبتكم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ).
قيل (٥) : على جديتكم.
وقيل (٦) : على منازلكم وجدتكم.
ولكن تأويله ـ والله أعلم ـ : (اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) أي : ما أنتم عليه ، ثم يحتمل هذا وجوها :
يحتمل (اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) ، أي : على ما أنتم عليه من أمر الدين ، (إِنِّي عامِلٌ) : على ما أنا عليه من أمر الدين ؛ كقوله : (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) [الكافرون : ٦].
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) ذكره البغوي في تفسيره (٢ / ١٣٢) ، وأبو حيان في البحر المحيط (٤ / ٢٢٨).
(٣) ذكره السيوطي في الدر (٣ / ٨٨) وعزاه لابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن ابن عباس.
(٤) في ب : بسابقين.
(٥) ذكره السيوطي في الدر (٣ / ٨٨) وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ، ولأبي الشيخ عن أبي مالك بنحوه.
(٦) ينظر تفسير البحر المحيط لأبي حيان (٤ / ٢٢٩).