ثم اختلف في قوله : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) : قال بعضهم : [من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها بعد التوحيد] ومن جاء بالسيئة بعد التوحيد فلا يجزي إلا مثلها.
وقال بعض أهل التأويل (١) : من جاء بالحسنة يعني بالتوحيد فله عشر أمثالها ، لكنه ليس على التحديد لما ذكرنا ، ولكن على التعظيم له والقدر عند الله ، أو على التمثيل. ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها [يعني : الشرك ، لا يجزى إلا مثله](٢). فكان التخليد في النار مثل الشرك ؛ لأن الشرك أعظم السيئات.
وفي الآية دلالة أن المثل قد يكون من غير نوعه ؛ حيث أوجب في الحسنة من الثواب عشر أمثالها ومن السيئة مثلها ، وليس واحد منهما من نوع الأصل والعمل الذي يثاب عليه.
وقيل : من جاء بالحسنة في الآخرة : بالتوحيد ، فله عشر أمثالها ، في الأضعاف. ومن جاء بالسيئة في الآخرة ، يعني : الشرك فلا يجزى إلا مثلها (٣) في العظم ؛ فجزاء الشرك النار ؛ لأن الشرك أعظم الذنوب ، والنار أعظم العقوبة ، وذلك كقوله (جَزاءً وِفاقاً) [النبأ : ٢٦] ، أي : وفاق العمل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) جميعا لا يزاد على المثل ولا ينقص مما ذكر.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير بنحوه (٥ / ٤١٧ ـ ٤١٨) عن كل من :
عبد الله بن مسعود (١٤٢٧٦) و (١٤٢٧٧) و (١٤٢٧٨).
شقيق بن سلمة (١٤٢٨٠).
القاسم بن أبي بزة ومجاهد (١٤٢٨١) و (١٤٢٩٠).
مجاهد (١٤٢٩٤).
عطاء (١٤٢٨٢) و (١٤٢٨٨).
محمد بن كعب (١٤٢٨٣).
إبراهيم (١٤٢٨٤) و (١٤٢٨٥) و (١٤٢٨٦).
أبي صالح (١٤٢٨٩).
الضحاك (١٤٢٩١).
الحسن (١٤٢٩٢).
سعيد بن جبير (١٤٢٩٣).
ابن عباس (١٤٢٩٥).
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١١٨) وعزاه لعبد بن حميد عن سعيد بن جبير وعزاه لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي نعيم عن ابن مسعود وعزاه لابن المنذر عن ابن عباس ، ولأبي الشيخ عن أبي هريرة وقال أراه رفعه.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : مثل ما.