__________________
ـ ما نرجو ألا نغفله نص علماء القراءات على نطق فواتح السور كلمات ، وبقدر ما اختلف المسلمون حول الحكمة ، أجمعوا على أنها استهلالات ابتدئ بها ، ومن ثم كان مصطلح براعة الاستهلال ، بما هو إشارة في الصدر إلى المقصود وما قد يمت إليه من مصطلحات معينة على الكشف. وقد فسر كل الحروف المقطعة بما جاء لمعانيها في لغة العرب.
على أية حال فهو اجتهاد ، لكنه يتكئ على المذهب الرمزي ، ولئن صح هذا التفسير له ـ مع شدة التكلف ـ في مثل (ق) و (ص) و (ن) فكيف يصح في (آل حم) ، هل تتفق موضوعات السور السبعة تمام الاتفاق كما اتفقت افتتاحاتها؟! وما قوله في (الم) وفي (طسم) وغير ذلك؟ إنه يفسر كل حرف بمعناه ، ثم يفر من إيجاد تفسير لتكرر الحروف في الافتتاح ، وعلى ما بذله من مجهود وما أخصب به بحثه من مراجع ، فإن فيما توصل إليه خطرا شديدا ينبغي أن ينأى بكتاب الله عنه ، ثم إن منهجه لم يطرد له ، وحسب فساد المنهج عدم اطراده.
وقد تأولوا لها معاني كثيرة منها :
ـ أنها اسم من أسماء القرآن.
ـ أو فواتح يفتتح الله بها القرآن.
ـ أسماء للسور التي وردت فيها.
ـ اسم الله الأعظم.
ـ قسم أقسم الله به وهو من أسمائه.
ـ حروف مقطعة من أسماء وأفعال ، كل حرف من ذلك لمعنى غير معنى الحرف الآخر.
ـ حروف هجاء موضوع.
ـ حروف يشتمل كل حرف منها على معان شتى.
ـ حروف من حساب الجمل.
ـ لكل كتاب سر وسر القرآن فواتحه.
ـ ابتدئت بذلك السور ليفتح لاستماعه أسماع المشركين.
ـ أو أنها علامات لأهل الكتاب أنه سينزل على محمد كتاب يفتتح بالحروف المقطعة.
وعلى اتساع القول بشأن تأويل الحروف المقطعة ، رجح القول بأن : «تلك الحروف علامات دالة ، ورموز منصوبة فحواها أن هذا القرآن الذي أعجز العرب أمره وبان لهم وجه التحدي فيه ، ليس بلغة غير لغتهم ، بل هو مؤتلف من مادة اللغة التي يحذقونها».
واستأنسوا لذلك بأمور منها :
ـ أن ستّا وعشرين سورة ـ مما فواتحه حروف مقطعة ـ مكية النزول ، وقد كانت فترة تحد وعناد.
ـ معظم هذه السور فيها حديث بعد الفواتح مباشرة عن سمو القرآن وعلو طبقته.
ـ أن هذا الرأي أبعد ما يكون عن النقد.
ـ أنه يلتقي مع غيره من الآراء.
وقال القاضي أبو بكر : إنما جاءت على نصف حروف المعجم كأنه قيل : من زعم أن القرآن ليس بآية ، فليأخذ الشطر الباقي ، ويركب عليه لفظا معارضة للقرآن لا سيما أنها نزلت في المرحلة التي بلغ فيها عتو المشركين أقصى المدى ، وأفحشوا في حمل الوحي على الافتراء والسحر والشعر والكهانة ، فواجههم القرآن بالتحدي.
ويستحسن الدكتور / زكي مبارك رأي «المسيو بلانشو» في القول بأنها رموز صوتية وأنه «من المحتمل أن تكون تقاليد الترتيل في القرآن سارت في طريق كان معروفا عند أهل الجاهلية ، ـ