التحليل والتحريم.
وقوله : (اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ).
أمر المؤمنين أن يتبعوا ما أنزل إليهم من ربهم ، على ما أمر رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يتبع ما أنزل إليه من ربه ؛ كقوله : (اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) [الأنعام : ١٠٦] ؛ ليعلم أن ما أنزل إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم هو منزل إلى المؤمنين [جميعا](١).
وقوله ـ عزوجل ـ : (اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ).
فيما ذكر ، وما يحل وما يحرم ، وما يأمر وينهى.
(وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ).
قيل : أربابا ، أي (٢) لا تتبعوا من دونه أولياء فيما يحلون ويحرمون ، ويأمرون وينهون ، أي : إنما عليهم اتباع ما حرم عليهم ، واستحلال ما أحل لهم. وأما إنشاء التحليل والتحريم فلا.
وقال بعض أهل التأويل (٣) : أولياء الأصنام ، والأوثان (٤). ولكن لا يحتمل هاهنا ،
__________________
ـ أن النهي صيغة لا تفعل بإرادات ثلاث :
إرادة وجود اللفظ ، وإرادة دلالته على النهي ، وإرادة الامتثال ، أي : ترك المنهي للمنهي عنه.
وأما تعريفهم النهي باعتبار أنه الإرادة نفسها ، فقد ذهب قوم إلى أن النهي هو «إرادة ترك الفعل».
ينظر : البرهان (١ / ٢٨٣) ، والبحر المحيط (٢ / ٤٢٦) ، والإحكام في أصول الأحكام (٢ / ١٧٤) ، والتمهيد ص (٢٩٠) ، ومنهاج العقول (٢ / ٦٧).
(٥) في أ : يصير.
(١) سقط في أ.
(٢) في أ : و.
(٣) انظر تفسير البحر المحيط لأبي حيان (٤ / ٢٦٨) ، وتفسير الخازن والبغوي (٢ / ٤٨٠).
(٤) وقال الجوهري : هو الوثن ، وهو صريح في أنهما مترادفان.
وفرق بينهما هشام الكلبي في كتاب «الأصنام» له بأن المعمول من الخشب أو الذهب أو الفضة أو غيرها من جواهر الأرض : صنم ، وإذا كان من حجارة فهو وثن.
وقال ابن سيده : هو ينحت من خشب ، ويصاغ من فضة ونحاس. وذكر الفهري أن الصنم : ما كان له صورة جعلت تمثالا. والوثن : ما لا صورة له.
قلت : وهو قول ابن عرفة ، وقيل : إن الوثن : ما كان له جثة من خشب أو حجر أو فضة ينحت ويعبد ، والصنم : الصورة بلا جثة.
وقيل : الصنم : ما كان على صورة خلقة البشر. والوثن : ما كان على غيرها. كذا في شرح الدلائل.
وقال آخرون : ما كان له جسم أو صورة فصنم ، فإن لم يكن له جسم أو صورة فهو وثن. وقيل : الصنم من حجارة أو غيرها. والوثن : ما كان صخورا مجسمة.
وقد يطلق الوثن على الصليب ، وعلى كل ما يشغل عن الله تعالى. وعلى هذا الوجه قال إبراهيم ـ عليهالسلام ـ : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ)[إبراهيم : ٣٥] ؛ لأنه ـ عليهالسلام ـ