أخبر أنه إنما يأتيهم عذابه (١) في حال الغفلة ، أو في حال الأمن ؛ لئلا يكونوا غافلين عن أمره ، ولا يكونوا آمنين عذابه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا).
أي : ما كان دعواهم قبل نزول العذاب إلا أنهم قالوا : نحن على الحق وإن غيرهم على الباطل ، فإذا جاءهم بأسنا اعترفوا بظلمهم ؛ كقوله : (إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ).
وقال بعضهم : فما كان دعواهم حين نزول العذاب (إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ).
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ).
يذكر في هذه الآية أنه (٢) يسألهم جميعا : الرسل والمرسلين إليهم (٣).
وقال في آية أخرى : (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ) [الرحمن : ٣٩] ، وقال : (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ) [الأنبياء : ٢٣] ، ولكن (٤) قوله : (لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ) [الرحمن : ٣٩] ، أي لا يسأل عما فعل وعن نفس ما ارتكب ؛ كم أذنبت؟ وما فعلت؟ ولكن يسأل : لما ذا فعلت؟ يسأل عن الحجة : لم أذنبت؟ ولم فعلت ذا؟ أو أن يسأل في وقت ، ولا يسأل في وقت آخر.
قال بعضهم : لا يسأل عن ذنبه غيره ، وإنما يسأل صاحبه وفاعله ، يخبر ـ والله أعلم ـ أن أمر الآخرة على خلاف أمر الدنيا ؛ لأن في الدنيا قد يؤاخذ غيره بذنب آخر وربما يسأل إحضار قريبه ، وأما في الآخرة فإنه لا يؤاخذ غيره بذنب آخر كذلك (٥) كان ما ذكرنا.
__________________
(٧) القائلة : نصف النهار كما في المحكم ، وفي الصحاح : الظهيرة ، ومثله في العين ، يقال : أتانا عند قائلة النهار ، وقد تكون بمعنى القيلولة أيضا ، وهي النوم في نصف النهار ، وقال الليث : القيلولة : نوم نصف النهار ، وهي القائلة.
قال يقيل قيلا ، وقائلة وقيلولة ، ومقالا ، ومقيلا ، الأخيرة عن سيبويه ، وقال الجوهري : هو شاذ.
وتقيّل : نام فيه ، أي : نصف النهار ، وقال الأزهري : القيلولة والمقيل : الاستراحة نصف النهار عند العرب ، وإن لم يكن مع ذلك نوم ، والدليل على ذلك أن الجنة لا نوم فيها ، وقد قال الله تعالى : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) [الفرقان : ٢٤] ، وفي الحديث : «قيلوا فإن الشياطين لا تقيل» ، وفي الحديث : «ما مهجر كمن قال» أي : ليس من هاجر عن وطنه ، أو خرج في الهاجرة كمن سكن في بيته عند القائلة وأقام به.
ينظر : تاج العروس (٣٠ / ٣٠٤ ، ٣٠٥) ، والنهاية (١ / ١٧٠).
(١) في ب : عن عذابه.
(٢) في أ : أن.
(٣) في أ : والمرسل عليهم.
(٤) في ب : لكن.
(٥) في ب : لذلك.