الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى) ، وقوله : (إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ).
وقوله : (بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما).
فإن قيل : كيف خصّ السوءة بالذكر ، ومنته في اللباس في كل البدن لا في السوءة خاصة؟ وكذلك قوله : (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ) [الأعراف : ٢٦] ذكر منته فيما أنعم علينا من ستر العورة [وذلك في العورة](١) ، وفي غيرها من البدن في دفع البرد والحرّ وغير ذلك؟!
قيل : لأن كشف العورة مستقبح في الطبع والعقل جميعا ، وأما كشف غيرها من البدن فليس هو بمستقبح في الطبع ولا في العقل ، وربما يبدي المرء لغيره من البدن سوى العورة عند الحاجة ، ويستر عند غير الحاجة ، وأما العورة فإنه لا يبديها (٢) إلا في حال الضرورة ؛ لذلك كان ما ذكر.
أو أن يقال : إن المفروض من الستر هو قدر الضرورة ، والآخر يلبسه (٣) : إما بحق التجمل ، وإما بحق دفع البرد والحرّ والأذى ؛ لذلك [كان](٤) تخصيصه بالذكر ، وإلا المنة والنعمة عظيمة في لباس غيره من البدن.
فإن قيل : إن الله كنى عن الجماع مرة باللمس (٥) ومرة بالغشيان (٦) ، وعن الخلاء بالغائط (٧) ، وهو المكان الذي تقضى (٨) فيه الحوائج ، وكذلك جميع ما لا يستحسن ذكره
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في ب : لا يبدي.
(٣) في أ : يليه.
(٤) سقط في أ.
(٥) في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً) [النساء : ٤٣] وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة : ٦].
(٦) في قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) [الأعراف : ١٨٩].
(٧) في سورة النساء آية ٤٣ والمائدة آية ٦ المتقدم ذكرهما.
(٨) في ب : يقضي.