وقيل (١) : العفاف.
وقيل (٢) : الحياء.
وقيل (٣) : الإيمان ، فكله واحد (٤) ، أي : كل ما ذكر من لباس التقوى خير من اللباس الذي ذكر ؛ لأن الدين والإيمان والقرآن والحياء يزجره ويمنعه من المعاصي (٥) فهو خير لأنه لباس في الدنيا والآخرة ؛ لأن المؤمن التقي العفيف الحيي لا يبدو له عورة ، وإن كان عاريا من الثياب [وأن الفاجر لا يزال](٦) تبدو (٧) منه عورته ، وإن كان كاسيا من الثياب ، لا يتحفظ في لباسه ؛ [فلباس](٨) التقوى خير ، وهو كقوله (فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) [البقرة : ١٩٧] هذا التأويل للقراءة التي تقرأ بالرفع : (وَلِباسُ التَّقْوى) على الابتداء.
وأمّا من قرأ بالنصب فهو رده إلى قوله : (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً) ، ثم أنزلنا عليكم ـ أيضا ـ لباسا تتقون به الحرّ والبرد والأذى ؛ فيكون فيه ذكر لباس سائر البدن ، وفي الأول ذكر لباس العورة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ).
يحتمل قوله : (ذلِكَ) الذي اتخذ منه اللباس والأطعمة والأشربة من آيات الرسالة ؛ لأن كل ذلك إنما عرف بالرسل بوحي من السماء ، وهو ما ذكرنا أن فيه دليل إثبات الرسالة.
ويحتمل ذلك من آيات الله أي : من آيات وحدانية الله وربوبيته ؛ لما جعل منافع السماء متصلة بمنافع الأرض مع بعد ما بينهما ؛ دل ذلك أن منشئهما ومدبرهما واحد ؛ لأنه لو كان تدبير اثنين ، ما اتسق تدبيرهما ؛ لاتصال منافع أحدهما بالآخر.
__________________
(١) ذكره البغوي في تفسيره (٢ / ١٥٥) ونسبه لابن عباس.
(٢) أخرجه ابن جرير (٥ / ٤٥٨) (١٤٤٤٦ ، ١٤٤٤٧) عن معبد الجهني ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٤١ ـ ١٤٢) وزاد نسبته لعبد بن حميد وأبي عبيد والحكيم الترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن معبد الجهني. وذكره أبو حيان في البحر المحيط (٤ / ٢٨٤) ، والبغوي في تفسيره (٢ / ١٥٥).
(٣) أخرجه ابن جرير (٥ / ٤٦١) (١٤٤٥٤) عن السدي ، و (١٤٤٥٥) عن قتادة ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٤٢) ، وعزاه لابن جرير عن السدي ، وذكره أبو حيان في البحر (٤ / ٢٨٤) ونسبه لابن جريج.
(٤) في ب : وكله واحد.
(٥) في ب : عن المعاصي.
(٦) سقط في أ.
(٧) في ب : يبدو.
(٨) سقط في أ.