يكن وقت الأمر من نؤدي إليه حاضرا ، أو نحو (١) الأمر بالحج (٢) وغيره من العبادات ، وإن كان لا يصل إلى أداء ما افترض عليه إلا بعد أوقات مع احتمال الشدائد ، وهذا يرد ـ أيضا ـ على من يقول : إنه لا (٣) يلزم الأوامر والمناهي من جهلها ، ولا يكلف إلا بعد العلم بها ؛ لأنه يتكلف (٤) حتى لا يلزمه فرض من فرائض الله وعبادة من عباداته ؛ لأنه لا يكسب أسباب العلم ؛ لئلا يلزمه ذلك ، فهذا بعيد محال ، والوجه فيه ما ذكرنا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ).
اختلف أهل الاعتزال فيه ؛ قال أبو بكر الأصم : الجعل من الله على وجوه :
أحدها : السبب أي (٥) : أعطينا لهم السبب الذي به صاروا أولياء لهم ، كما يقول الرجل (٦) لآخر : جعلت لك الدار والعبيد والمال ، وهو لم يجعل له ذلك ، ولكن أعطاه ما به صار ذلك ، وهو إنما أعطاه سبب ذلك ؛ فيضاف ذلك إليه ؛ فعلى ذلك ما أضاف الجعل إليه ؛ لما أعطاه السبب.
وقال جعفر بن حرب (٧) : «الجعل» هو التخلية ، خلى بينهم وبين أولئك ؛ فأضاف ذلك إليه بالجعل ، كما يقال للرجل : جعلت عبدك قتالا ضرابا ، إذا خلى بينه وبين ما يفعله ، وهو قادر على منعه ؛ [عن ذلك](٨) فعلى ذلك فبما أضاف الجعل إلى نفسه : هو أن خلى بينهم وبين أولئك ، يعلمون ما شاءوا.
__________________
ـ الأدناس ، ورجل طاهر الثياب ، أي : منزه.
وفي الشرع : هي عبارة عن غسل أعضاء مخصوصة بصفة مخصوصة.
وعرفت أيضا بأنها : زوال حدث أو خبث ، أو رفع الحدث أو إزالة النجس ، أو ما في معناهما أو على صورتهما.
وقال المالكية : إنها صفة حكمية توجب للموصوف بها جواز استباحة الصلاة به ، أو فيه ، أو له.
فالأولان يرجعان للثوب والمكان ، والأخير للشخص.
ينظر : مختار الصحاح مادة (طهر) ، والتعريفات للجرجاني ص (١٤٢) ، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص (١١) ، وكفاية الأخيار للحصني ص (٦) ، وكشاف القناع (١ / ٢٤) ، وأسهل المدارك شرح إرشاد السالك للكشناوي (١ / ٣٤).
(١) في أ : ونحو.
(٢) في ب : بالحجج.
(٣) في ب : أن لا.
(٤) في أ : بتكليف.
(٥) في أ : الذي.
(٦) في ب : تقول لرجل.
(٧) ينظر : تفسير الرازي (١٤ / ٤٦).
(٨) سقط في أ.