ويحتمل (أُولاهُمْ) : الذين دخلوا أولا ، (لِأُخْراهُمْ) : هم الذين (١) دخلوا النار أخيرا ، وهم الأتباع.
(فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ).
قيل فيه بوجهين :
يحتمل ما كان لكم علينا من فضل في شيء ؛ فقد ضللتم كما ضللنا (٢) ، أي : لم يكن لنا عليكم فضل سلطان ، ولا كان معنا حجج وآيات قهرناكم عليها (٣) ، إنما دعوناكم إلى ذلك فاستجبتم لنا ، وقد كان بعث إليكم الرسل مع (٤) حجج وآيات فلم تجيبوهم ، وهو كخطبة إبليس حيث قال : (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ ...) [إبراهيم : ٢٢] الآية ، فيقول هؤلاء القادة للأتباع مثل قول الشيطان لجملتهم.
وقيل (٥) : قوله : (فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) ، يعني : تخفيف العذاب.
أي : نحن وأنتم في العذاب سواء ، لا فضل لكم علينا من تخفيف العذاب في شيء.
أحد التأويلين في قوله : (فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) يرجع إلى الآخرة والآخر إلى (٦) الدنيا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ).
من الشرك والتكذيب لآيات الله ، وكذلك جزاء بما كانوا يكسبون ويعملون.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها).
هذا قد ذكرناه فيما تقدم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ).
قال بعضهم : يعني بأبواب السماء أبواب الجنان ؛ لأن الجنان تكون في السماء ؛ فسمى أبواب السماء لأن (٧) الجنان فيها.
ألا ترى أنه قال : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) [الذاريات : ٢٢] ، وما يوعد لنا هو
__________________
(١) في أ : للذين.
(٢) أخرجه بمعناه ابن جرير (٥ / ٤٨٤) (١٤٦٠٦) عن السدي ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٥٤) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٣) في ب : عليه.
(٤) في أ : من.
(٥) أخرجه ابن جرير (٥ / ٤٨٤) (١٤٦٠٧ ، ١٤٦٠٨) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٥٤) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن مجاهد.
(٦) في ب : وللآخر في.
(٧) في ب : لما.