الجنة ، ثم أخبر أنها في السماء.
ألا ترى (١) أنه قال : (وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) [كأنه قال : لا تفتح لهم أبواب الجنان ولا يدخلون الجنة](٢) ـ أيضا.
وقال آخرون (٣) : أبواب السماء هي (٤) أبواب السماء ؛ وذلك أن أعمال المؤمنين ترفع إلى السماء وتصعد إليها أرواحهم ، وأعمال الكفرة وأرواحهم ترد إلى أسفل السافلين ؛ كقوله : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) [فاطر : ١٠] ، وقال في الكافر (٥) : (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) [التين : ٥ ـ ٦] فإذا كانت أعمال المؤمنين وأرواحهم ترفع إلى السماء وتصعد إليها ، أخبر [أن الكافرين](٦) لا تفتح لهم أبواب السماء ولا لأعمالهم ، ولكن ترد إلى السجين.
وأمكن أن يكون على التمثيل ليس على تحقيق السماء ؛ ولكن ذكر السماء لما أن السماء هي مكان الطيبات من الأشياء وقرارها ، لا مكان الخبائث والأقذار ، والأرض هي مكان ذلك ، وأعمال الكفرة خبيثة ؛ فكنى عن أعمالهم الخبيثة بالأرض [لما أن الأرض](٧) هي معدن الخبائث والأنجاس.
وكنى عن أعمال المؤمنين الطيبة بالسماء ، وهو كما ضرب مثل الإيمان : بالشجرة الطيبة الثابتة وفرعها في السماء ، وضرب مثل الكفر : بالشجرة الخبيثة المجتثة من فوق الأرض ، ليس على أن يكون قوله : (وَفَرْعُها فِي السَّماءِ) [إبراهيم : ٢٤] على تحقيق السماء ، ولكن على الوصف بالطيب والقبول ؛ فعلى ذلك الأول.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ).
لا يستقيم مثله على الابتداء إلا على نوازل (٨) تسبق ، خرج ذلك جوابا لها ؛ نحو قوله : (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى ...) [البقرة : ١١١] الآية.
أو أن ذكروا أعمال أنفسهم أنهم يعملون كذا ؛ فقال : (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ
__________________
(١) في ب : يرى.
(٢) سقط في أ.
(٣) أخرجه ابن جرير (٥ / ٤٨٦) (١٤٦١٩) عن ابن جريج بنحوه ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٥٦) ، والخازن والبغوي (٢ / ٥٠٦) ، وأبو حيان في البحر (٤ / ٢٩٩).
(٤) في ب : هو.
(٥) في أ : الكافرين.
(٦) في أ : أنه.
(٧) سقط في أ.
(٨) النازلة : المصيبة الشديدة. ينظر المعجم الوسيط (نزل) (١ / ٩١٥).