الْجَنَّةَ).
فإن قيل : [كيف](١) خوفهم بما ذكر من سدّ الأبواب عليهم ، وجعل النار لهم مهادا وغواشيا (٢) ، وهم لا يؤمنون بذلك كله ، فكيف خوفوا به؟
قيل : إن المرء إذا خوف بشيء فإنه يخاف ويهاب ذلك ، وإن لم يتيقن بذلك ، ولا تحقق عنده ما خوف به ؛ حتى يستعدّ لذلك ، ويتهيأ وإن كان على شك من ذلك وظن ؛ فعلى ذلك هؤلاء خوفوا بالنار وأنواع (٣) العذاب ، وإن كانوا شاكين في ذلك غير مصدّقين ؛ لما يجوز أن يهابوا ذلك ، أو أن يخوف بذلك المؤمنين ؛ كقوله : (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) [البقرة : ٢٤] ، وقوله : (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) [الذاريات : ٥٥].
أو أن يكون التخويف لمن آمن منهم بالبعث ؛ [لأن](٤) منهم من قد آمن بالبعث والجزاء والثواب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) [هذا على الإياس أنهم لا يدخلون أبدا الجنة كما لا يدخل ما ذكر في سمّ الخياط فإنه لا يدخل أبدا ثم قوله : حتى يلج الجمل في سم الخياط](٥).
قال بعضهم (٦) : حتى يدخل البعير في خرق الإبرة.
وقال ابن عباس (٧) ـ رضي الله عنه ـ : حتى يدخل الجمل الذي يشد به السفينة في خرق الإبرة.
وقال أبو عوسجة (٨) : يعني خرق الإبرة أو المسلة ، والجمل : الحبل ، والخياط : الإبرة
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) [الأعراف : ٤١] قيل : تهكم بهم في اللفظين : المهاد والغواشي ؛ لأن كلا منهما إنما يستعمل في الأمر المحمود. ينظر عمدة الحفاظ (٣ / ١٩٧).
(٣) في ب : وألوان.
(٤) سقط في ب.
(٥) سقط في أ.
(٦) أخرجه ابن جرير (٥ / ٤٨٨) (١٤٦٢٩ ـ ١٤٦٣٢) عن الحسن ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٥٧) وزاد نسبته لأبي الشيخ عن الحسن.
(٧) أخرجه ابن حميد (٥ / ٤٨٨ ـ ٤٨٩) (١٤٦٤٢ ـ ١٤٦٤٧) وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٥٧) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وأبي عبيد وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف وأبي الشيخ من طرق عن ابن عباس.
(٨) أخرجه ابن جرير (٥ / ٤٩١) عن كل من : الحسن البصري (١٤٦٥٥) (١٤٦٥٧) ، وعكرمة (١٤٦٥٦) ، والسدي (١٤٦٥٨) ، وابن عباس (١٤٦٥٩) ، ومجاهد (١٤٦٦٠) ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٥٧) ، وعزاه لأبي الشيخ عن الحسن البصري ولعبد بن حميد عن ابن عمر.