وقوله : (بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ) قد ذكرناه في صدر الكتاب (١).
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ).
أي : لكي يكون عليهم التضرع ، أو لكي يلزمهم التضرع والتذكر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ).
وهو ما ذكر أهل التأويل السعة (٢) والرخاء بعد الشدة والقحط (٣) ، وما حل بهم من البلايا (حَتَّى عَفَوْا).
قيل : جمعوا وأكثروا ، أي : كشف عنهم ذلك حتى كثروا فعند ذلك أهلكهم بغتة ؛ لأن الهلاك في حال الشدة والبلاء لا يكون أخذا ببغتة ؛ لأن كل من حل به بلاء وشدة يخاف فيه الهلاك فإذا أهلك في تلك الحال لم يكن أخذا بالهلاك بغتة.
ألا ترى أنه سمى الموت الذي يموت به المؤمن من غير مرض (٤) حل به بغتة (٥) ، والذي [يموت بمرض](٦) يتقدم الموت لا ، وأن الموت في الوجهين جميعا لا يعلم بحلوله ، لكنه إذا لم يتقدمه مرض فهو لا يخاف منه ، وإذا كان به مرض خاف منه فلم يكن (٧) فجأة ، فعلى ذلك إذا أخذوا في حال الشدة لم يكن أخذا بالبغتة لما يخافون فيه الهلاك ، وإذا كانوا في سعة ورخاء لا يخافون فيؤخذون في تلك الحال ، فذلك أخذ ببغتة.
وقال : (حَتَّى عَفَوْا).
__________________
(١) ينظر تفسير سورة البقرة آية (١٧٧).
(٢) في أ : بالسعة.
(٣) القحط : انقطاع المطر ويبس الأرض ، ويطلق على قلة خير الشيء ، ينظر لسان العرب (قحط) ، والمعجم الوسيط (٢ / ٧١٦) (قحط).
(٤) المرض في اللغة : إظلام الطبيعة واضطرابها بعد صفائها واعتدالها ، وقال ابن دريد : المرض السقم وهو نقيض الصحة ، قال ابن الأعرابي : المرض : النقصان ، يقال : بدن مريض ، أي : ناقص القوة.
وقال الحراليّ : ضعف في القوى يترتب عليه خلل في الأفعال.
وقال الراغب : خروج البدن عن الاعتدال الخاص وهو ضربان : جسمي ، وروحاني وهو عبارة عن الرذائل كجهل وجبن ونفاق وغيرها ؛ سميت به لمنعها عن إدراك الفضائل كمنع المرض للبدن عن التصرف الكامل أو لمنعها عن تحصيل الحياة الأخروية ، أو لميل النفس به إلى الاعتقادات الردية ، كما يميل المريض إلى الأشياء المضرة.
ينظر : التعريفات للجرجاني : ٢٢٣ ، لسان العرب (مرض) ، والتوقيف على مهمات التعاريف ص (٦٤٩).
(٥) في أ : موت فجاءة.
(٦) في أ : يمرض.
(٧) في أ : لم يكن.