أنه على شرف الفوت والزوال.
(وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) : لأنه سرور لا يشوبه حزن ، ليس كسرور الدنيا يكون مشوبا بالحزن والخوف.
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) : هذه هي النذارة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ).
ذكر المس ـ والله أعلم ـ لما لا يفارقهم العذاب ، ولا يزول عنهم.
والفسق في هذا الموضع (١) : الكفر ، والشرك ، وما ذكر من الظلم هو ظلم شرك وكفر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ).
لم يحتمل ما قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ حيث قال : إنهم قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم لم ينزل الله عليك كنزا تستغني به ؛ فإنك محتاج ، ولا جعل لك جنة تأكل منها فتشبع من الطعام ؛ فإنك تجوع ، فنزل عند ذلك هذا ، لا يحتمل أن يقولوا له ذلك ، فيقول لهم : إني لا أقول لكم إني ملك ، وليس عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ، فإن كان من السؤال شيء من ذلك ، فإنما يكون على سؤال سألوا لأنفسهم ؛ كقوله :
(وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً) الإسراء : ٩١] ، ونحو ذلك من الأسئلة التي سألوا (٢) لأنفسهم ، فنزل عند ذلك ما ذكر ، فهذا لعمري يحتمل ، فيقول لهم : [إنه](٣) ليس عندي خزائن الله فأجعل لكم هذا ، ولا أعلم الغيب ، ولا أقول لكم : إني ملك ، إن أتبع إلا ما يوحى إلى.
والثاني : جائز أن يكون النبي ـ عليهالسلام ـ أوعدهم بالعذاب وخوفهم ، فسألوا العذاب استهزاء وتكذيبا ، فقالوا : متى يكون؟! كقوله : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [يونس : ٤٨] ، فقال عند ذلك : (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ) ومفاتيحه ، أنزل عليكم العذاب متى شئت ، (وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) متى وقت نزول العذاب عليكم ، (وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) نزلت من السماء بالعذاب ، إنما أنا [رسول](٤) بشر مثلكم ، ما أتبع إلا
__________________
(١) في ب : في هذه المواضع.
(٢) في ب : سألوه.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في أ.