ألوهيته؟!
وقيل : يراد بأخذ السمع والبصر وما ذكر : أخذ أعينها وأنفسها ، أي : لو أخذ الله سمعكم وبصركم وعقولكم ، لا يملك ما تعبدون رد هذه الأشياء إلى ما [كانوا عليه](١) : لا يملكون رد السمع إلى ما كان ، ولا رد البصر والعقل الذي كان إلى ما كان ، فكيف تعبدون دونه وتشركون في ألوهيته؟! يسفّه (٢) أحلامهم لما يعلمون أن ما يعبدون ويجعلون لهم الألوهية لا يملكون نفعا ولا ضرّا ، فمع ما يعرفون ذلك منهم يجعلونهم آلهة معه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ).
أي : نبين لهم الآيات في خطئهم في عبادة هؤلاء ، وإشراكهم في ألوهيته.
(ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ).
أي : يعرضون عن تلك الآيات.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ).
معناه (٣) ـ والله أعلم ـ : أنهم يعلمون أن العذاب لا يأتي ولا يأخذ إلا الظالم ، ثم [مع علمهم](٤) أنهم ظلمة ؛ لعبادتهم غير الله ، مع علمهم أنهم لا يملكون نفعا ولا ضرّا يسألون العذاب كقوله : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) [المعارج : ١].
وقوله : (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) [الحج : ٤٧].
وقوله : (عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ) [ص : ١٦].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) : أخبر أنه لم يرسل الرسل إلا مع بشارة لأهل الطاعة (٥) ، ونذارة لأهل معصيته ، وفيه أن الرسل ليس إليهم الأمر والنهي ، إنما إليهم إبلاغ الأمر والنهي.
ثم بين البشارة فقال : (فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
(فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) : لما ليس لذلك فوت ولا زوال ، ليس نعيمها كثواب الدنيا [و](٦)
__________________
(١) في أ : كان.
(٢) في ب : تسفه.
(٣) أي : هل يهلك بذلك العذاب إلا أنتم؟ ووضع الظاهر موضعه ، تسجيلا عليهم بالظلم ، وإيذانا بأن مناط إهلاكهم ظلمهم الذي هو وضعهم الإعراض عما صرف الله له من الآيات ، موضع الإيمان.
(٤) سقط في أ.
(٥) زاد في أ : ونذارة لأهل الطاعة.
(٦) سقط في أ.