كالسورة ، ولذلك حذفت البسملة بينهما ، فتكون (من) للبيان على هذين القولين.
وقيل : هي القرآن كله لقوله تعالى : (كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ) [الزمر : ٢٣] وقيل : أنواع القرآن ، وهي : الأمر ، والنهي ، والبشارة ، والإنذار ، والأمثال ، وذكر النعم ، والقصص ، وتكون (من) صلة ، وتسمى مثاني لأنه يثنى فيه الوعظ ، والقصص.
والمعنى لا تنظر إلى محاسن الدنيا فقد أعطيت خيرا منها.
وفي ذلك إشارة إلا أن التلاوة لكتاب الله أفضل من الصدقة.
وفي تفسير السجاوندي أنها نزلت حين استلف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من يهودي دقيقا لضيف فأبى إلا برهن ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إني لأمين في السماء وأمين في الأرض ، ولو أسلفتني لأديت» وفي ذلك إرشاد إلى مكارم الأخلاق ، وإكرام الضيف ، ولو بتكسب من الدنيا بسلف أو غيره.
الثمرة الثانية : البعث على الإعراض عن محاسن الدنيا ؛ لأن المعنى : (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) أي : لا يطمح بصرك طموح راغب فيه ، متمن له ، وقد بوب العلماء أبوابا في الزجر عن الرغبة فيها ، وعلى الناظر في ذلك الرجوع إلى حقيقة النظر ، وأن الله سبحانه قد قال : (قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ) قيل : ونظرت جارية إلى سليمان بن عبد الملك فانشأت تقول :
أنت نعم المتاع لو كنت تبقى |
|
غير أن لا بقاء للإنسان |
أنت خلو من العيوب ومما |
|
تكره النفس غير أنك فاني |
ويروى أن ذا النون المصري مر بقصر فإذا بجارية تضرب بالدف وهي تقول :
دام النعيم لقصره المعمور |
|
ما حوله وأميرنا المنصور |
وبه السرور مجدد ببقائه |
|
والعيش فيه يمده المقدور |