وإنما قلنا : لا يحنث مع أن الله تعالى سماه لحما ؛ لأن الأيمان محمولة على العرف ، وهذه الأشياء لا يطلق عليها اسم اللحم.
ولو قال رجل لغلامه اشتر لي لحما فجاء بسمك كان حقيقا بالإنكار ، كما لو حلف لا ركب دابة فركب كافرا : لم يحنث مع أن الله سبحانه سماه دابة ؛ قال تعالى : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الانفال : ٥٥].
وأما لو حلف لا لبست امرأته حلية فلبست اللؤلؤ : فإنه يحنث.
وقال أبو حنيفة : إنما يحنث إذا رصع بالفضة أو الذهب ، واستضعفه المؤيد بالله ؛ لأن الاسم ينطلق عليه.
قوله تعالى
(لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ) [النحل : ٢٥]
هذه اللام ـ في قوله (لِيَحْمِلُوا) ـ : هي لام العاقبة.
وثمرة الآية : أن مسبب المعصية يعاقب عليها (١) ، وفي الحديث عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أيما داع دعا إلى هدى فاتبع فله مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء ، وأيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع فإن عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء» هكذا رواه في التهذيب.
ومثل هذا إذا أوصى إنسان بأنواع من القرب كان له ثواب بفعل من
__________________
(١) وسيأتي في قوله تعالى : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) كلام أبسط من هذا تمت.