الثاني : أن المعنى : أن يستعجل النفع القريب فيطلب ما يتعجل الانتفاع به ، وإن كان شرا له ، ولهذا قال تعالى : (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً).
الثالث : أن هذا في استعجال الكفار بالعذاب استعجال جحود نظيره : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [الانفال : ٣٢] ، ومثل قوله تعالى : (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ) [الرعد : ٦] عن أبي مسلم.
قال في الكشاف : وروي أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم دفع إلى سودة بنت زمعة أسيرا فكان يئن بالليل فقالت : ما لك تئن؟ فشكى ألم القيد ، فأرخت من كتافه فلما نامت أخرج يده وهرب ، فلما أصبح دعا به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فأعلم بشأنه فقال : «اللهم اقطع يديها» فرفعت سودة يديها توقع الإجابة أن يقطع الله يديها ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إني سألت الله تعالى أن يجعل لعنتي ودعائي ـ على من لا يستحق من أهلي ـ رحمة ؛ لأني بشر أغضب كما يغضب البشر» فلترد سودة يديها.
وعن ابن عباس : هو النضر بن الحارث قال : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ) الآية ، فأجيب له فضربت عنقه صبرا ، هكذا في الكشاف ،
وثمرة الآية :
النهي عن الدعاء بما لا مصلحة فيه ، وإصداره حال الغضب من غير نظر.
قوله تعالى
(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) [الإسراء : ١٥]
المعنى لا يأثم أحد بإثم غيره ، وهذا في أحكام الآخرة.