قوله تعالى
(قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ) [يوسف : ٦٦]
وإنما طلب الموثق لما سبق من فعلهم بيوسف ، ولهذا قال : (هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ).
واختلف ما هو الموثق الذي طلب منهم : ـ
فقيل : يسلمون له كفيلا.
وقيل : يحلفون له بالله.
وقيل : يحلفون بخاتم النبيين وسيد المرسلين صلىاللهعليهوآلهوسلم ، عن ابن عباس.
وقد أخذ من ذلك ثمرات :
منها أنه يلزم التبعد من أسباب التهمة ؛ لأنه إنما طلب الكفيل لما سبق منهم.
ومنها : جواز الكفالة بالبدن ، وهذا مذهب الأئمة ، وأبي حنيفة ، ولأصحاب الشافعي وجه : أنها لا تصح.
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الزعيم غارم» عمومه صحتها.
وروي أن رجلا تكفل لرجل بنفس آخر فحبسه علي عليهالسلام حتى جاء به.
وعن عبد الله بن مسعود أنه استشار الصحابة في أصحاب عبد الله بن النواحة فأشاروا باستتابتهم ، وتكفيل عشائرهم عليهم ، ففعل ذلك وكان قد قتل عبد الله بن النواحة لما أذن أن مسيلمة رسول الله.
وفي هذه الحكاية فائدة وهي : أن من عرف منه مضارة الغير فطلب المتعدى عليه من الحاكم أن يضمن له بقلة الاعتراض كان للحاكم ذلك ، وهذا قد يفعله القضاة تصنعا.