فما رؤي عبده بعد ذلك إلّا ورداؤه كردائه ، وإزاره كإزاره ، من غير تفاوت.
وقيل : إنه عليهالسلام قال هذا لقوم عادتهم الخشن وفي ذلك بعد ؛ لأنه أراد أن لا يخصوهم بالأدنى.
قال الحاكم : واستدل بعضهم بهذه الآية أن العبد لا يملك من حيث نفى رد الرزق عليه.
قال القاضي : لا دليل فيها ؛ لأن في الآية أنه لا يرد الرزق عليه ، وليس فيها أنه إذا ردّ لم يصح وسيأتي زيادة في هذا الحكم.
قوله تعالى
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً) [النحل : ٧٥]
هذا تمثيل لحال الكفار في إشراكهم لله تعالى بعبادة الأوثان ، بمن سوّى بين العبد الذي لا يقدر على شيء وبين الحر الذي رزقه الله رزقا حسنا.
قال جار الله : وإنما قال : (عَبْداً مَمْلُوكاً) فذكر المملوك : ليخرج الحر ؛ لأنه يطلق على الحر اسم العبد ؛ لأنه عبد لله.
وإنما قال : (لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) : ليخرج المكاتب والمأذون له ؛ لأنهما لا يقدران على التصرف ، فصارت الأحكام بالإضافة إلى الملك منقسمة فما تعلق بالحر فذلك ملك حقيقي فتتبعه أحكام الملك ، وما تعلق بالمكاتب فله شبه من أحكام الحر ، وذلك صحة بيعه وشرائه.
ومن أحكام العبد : أنه لا يجب عليه الحج بملك المال وزكاة ما في يده موقوفة على خلاف في ذلك.