وقيل : أراد بالحكم الفهم للتوراة والفقه في الدين.
وروي أنه دعاه الصبيان للعب ، قال : ما للعب خلقنا.
ومن ذلك قوله :
واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت |
|
إلى حمام سراع وارد الثمد |
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا |
|
إلا حمامتنا أو نصفه فقد |
أراد زرقاء اليمامة وهي امرأة يضرب بها المثل في حدة البصر ، وكانت تبصر من مسيرة ثلاثة أيام ، فنظرت إلى حمام بين جبلين تطير من بعد تسرع إلى الثمد ، وهو الماء القليل ، فلما وردت الماء فإذا هو ست وستون.
قوله تعالى
(فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) [مريم : ٢٦]
اختلف ما أريد بالصوم ، فقيل : السكوت عن الكلام ، وقيل : الصوم الشرعي ، لكنهم كانوا لا يتكلمون وهم صيام ، وهذا كان في شريعتهم.
أما في شرعنا : فقد نسخ ؛ لأنه نهى صلىاللهعليهوآلهوسلم عن صوم الصمت ، وفي الحديث : «لا صمات في الإسلام» فتكون الآية دالة على صحة النذر بالصوم الشرعي.
وأما النذر بالسكوت : فمنسوخ أي وجوبه ، فلو نذر به فقد يكون محظورا إذا وجب الكلام كرد السّلام ، وواجبا إذا كان الكلام محظورا فيلزم الوفاء به ، وقد يكون مباحا فيبطل نذره عند أبي العباس ، وأبي طالب ، وعند المؤيد بالله إذا لم يف به كفر.
وإنما أمرت بالسكوت لأمرين :
الأول : أن عيسى صلّى الله عليه يكفيها الكلام بما تبرأ به ساحتها.