وفي هذه تنبيه وهو أن يقال : لما أنكر على يوسف الاستعانة بغير الله في كشف ما به ، وقد قال تعالى : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى).
وقال تعالى في حكايته عن عيسى عليهالسلام : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ.)
وفي الحديث عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه المسلم».
وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من فرّج عن مؤمن كربة ، فرّج الله عنه كربة من كرب الآخرة».
وعن عائشة أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يأخذه النوم ليلة من الليالي ، وكان يطلب من يحرسه حتى جاء سعد بن أبي وقاص فسمعت غطيطه ، وهل ذلك إلا مثل التداوي بالأدوية ، والتقوي بالأطعمة والأشربة ، وإن كان ذلك لكفر الملك فلا خلاف بجواز الاستعانة بالكافر لدفع الظلم ، والغرق والحرق ، ونحو ذلك ، هذا كلام الزمخشري.
وقد أجيب عن هذا بوجوه :
الأول : أن الله سبحانه لما اصطفى الأنبياء على خليقته اصطفى لهم أحسن الأمور ، والأولى لهم أن من ابتلي ببلاء إلا يكل أمره إلا إلى الله خصوصا إذا كان المستعان كافرا ؛ لئلا يشمت به الكفار ، ويقولوا : لو كان معه ربه يعينه لما استعان بنا.
وعن الحسن : أنه كان يبكي إذا قرأها ويقول : نحن إذا نزل بنا أمر فزعنا إلى الناس.
وإنما عجب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لأن يوسف ترك عادته في الصبر والتوكل على الله ، والالتجاء إليه دون غيره.
قال الحاكم : ويحتمل أنه فعل ذلك من غير إذن ، ويحتمل أنه كان متعبدا بأن لا يشكو إلى غيره ، فحصل من هذا أن التوكل والالتجاء إلى الله أفضل ، وتجوز الاستعانة ، وقد تجب في حال.