وقد أفرد الحاكم في السفينة بابا في ذم علماء السوء ، وروى فيه آثارا كثيرة :
منها : ما رواه أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول :
«رأيت ليلة أسري بي إلى السماء رجالا تقرض شفاههم بمقاريض من نار فقلت : يا جبريل من هؤلاء؟ فقال : هؤلاء الخطباء الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم ، وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون».
ويتفرع على هذا فرع وهو أن يقال : المسألة لها حكمان :
حكم يتعلق بالفاعل ، وما يقبل منه وما لا يقبل ، وذلك يرجع إلى نفسه وما يعرف من قصده.
والحكم الثاني : يتعلق بالتابع فإن صلحت نية المتبوع كان التابع والمتبوع ناجيين ، وإن لم تصلح نية المتبوع فهو في نفسه مخط ، وأما التابع فإن لم يعرف خطأ المتبوع فهو ناج.
وقد ذكر المؤيد بالله أن الإمام يكون هالكا إن لم يكن صالحا في الباطن ، ويكون أصحابه ناجيين ، فأما لو علموا بعدم صلاحه كان هالكا هو وأصحابه ، فإن لم يحصل لهم طريق إلى الخطأ إلّا بالظن الذي لم يمكن مدافعته ولا تأويله (١).
ومن هذا ما قاله الناصر ، والقاسم : أن الإمام الأعظم إذا وجد أفضل منه وجب عليه أن يسلم له حتى قال الناصر : إن لم يسلم فسق ؛ لأنه يكون عند ذلك طالبا للدنيا.
__________________
(١) بياض في الأصل تمت. وفي الحاشية يقال فرضهم البقاء على الأصل كيف والله تعالى يقول : (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) ويقول (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) لا يقال قد عمل بالظن في بعض المواضع لأنا نقول العمل بالظن في الفروع من المسائل العلمية كيف وهو يترتب على هذا الظن التفسيق وهو لا يجوز إلّا بقاطع والعجب من المصنف كيف توقف في هذه المسألة وبيض للجواب تمت.