ونقول في الجواب عن هذه الأسئلة :
أولا : إن نسبة الصراط في سورة الفاتحة إلى الذين أنعم الله عليهم ليس معناها أنه لم ينسبه فيها إلى نفسه ، وذلك لأن صراطهم هو في النتيجة والمآل صراط الله سبحانه. فهو ينسبه إليهم ، لأنه صراطهم الذي اختاروه ومشوا فيه وقطعوه .. وإن كان الله سبحانه هو الذي سنّه وشرعه لهم.
ثانيا : إن الله تعالى حين نسب الصراط ، للذين أنعم عليهم ، فقد أراد أن يقول : إن الذي اهتدى إلى صراطه المستقيم ، فإنما اهتدى إليه بنعمة منه تعالى وبفضله وهدايته ؛ فيكون ذلك أدعى للإخلاص له ، والارتباط به سبحانه وتعالى.
وليس هذا الاهتداء نتيجة لقدرات ذاتية بشرية كامنة ، ومن خلال جهد شخصي ، بعيد عن تسديد الله سبحانه ، وهدايته ، وأفضاله.
وثالثا : إنه إذا ظهر لنا أن الآخرين قد اهتدوا إلى هذا الصراط ، فإن ذلك يجعلنا نطمئن إلى إمكانية تحقق ذلك بالنسبة إلينا أيضا ، فهو إذن ليس أمرا نظريا تجريديا لا واقعية له ، أو ليس فوق طاقة البشر ، أو غير قابل للتطبيق ، بسبب ظروف موضوعية ذات طابع معين.