رابعها ـ انّ ما وضعت له الالفاظ ابتداء هو الصحيح التّام الواجد لتمام الأجزاء والشرائط ، الّا ان العرف يتسامحون ـ كما هو ديدنهم ـ ويطلقون تلك الالفاظ على الفاقد للبعض تنزيلا له منزلة الواجد ، فلا يكون مجازا في الكلمة على ما ذهب اليه السكاكي في الاستعارة ، بل يمكن دعوى صيرورته حقيقة فيه بعد الاستعمال فيه كذلك دفعة او دفعات من دون حاجة الى الكثرة والشهرة ، للأنس الحاصل من جهة المشابهة في الصورة ، أو المشاركة في التأثير ، كما في اسامي المعاجين الموضوعة ابتداء لخصوص مركبات واجدة لاجزاء خاصة ، حيث يصح اطلاقها على الفاقد لبعض الاجزاء المشابه له صورة والمشارك في المهم أثرا ، تنزيلا أو حقيقة.
______________________________________________________
الحقيقة لا يضر تبدل الحالات ، وهذا صحيح في الاعلام ويختص بها فان لها وحدة حقيقية متشخصة مستمرة لا يضر بوحدتها تبدل حالاتها ، واما في غير الاعلام ، كالصلاة ـ مثلا ـ فانها ليس لفردها وحدة وجودية حقيقية ، وحيث انها لها وضع واحد ، وموضوع له واحد ، فلا بد من وحدة لها تكون هي الجامع الموضوع له لفظ الصلاة ، ولا نتصور لها جامع واحد بحيث يجمع افرادها ويصدق عليها صدقا حقيقيا ، الّا ما تصورناه من الجامع الذي استكشفناه بآثاره.
ثم لا يخفى ، انه قد مر بيانه ، والايراد عليه وانه لا جامع الّا المفهوم المبهم الذي جعل الاثر معرفا له ، فان كان المفهوم المبهم الذي وضع له لفظ الصلاة هو ما يترتب عليه الأثر بالفعل كانت الصلاة موضوعة للصحيح ، لانه هو الذي يترتب عليه الاثر بالفعل ، وان كان الموضوع له هو ما فيه اقتضاء التأثير كان الموضوع له اللفظ هو الاعم ، لان ما به الاقتضاء يصدق على الصحيح والفاسد.