فان المنافاة انما تكون فيما اذا لم تكن معانيها على هذا الوجه مبينة بوجه. وقد عرفت كونها مبينة بغير وجه (١).
______________________________________________________
(١) استدل القائل بوضع هذه الالفاظ للصحيح بالتبادر : بان التبادر من هذه الالفاظ عند اطلاقها هو الصحيح ، والتبادر علامة الحقيقة.
وقد اورد عليه : بان الصحيحي معترف باجمال الموضوع له في هذه الالفاظ ، ومع الاعتراف بالاجمال ، وان الموضوع له مفهوم غير متضح ، كيف يدعي التبادر ، فان التبادر لازمه دلالة اللفظ عند الاطلاق على معنى معين.
وقد أجاب عنه المصنف : بانه لا يلزم في التبادر الى المعنى الموضوع له اللفظ ان يكون الموضوع له امرا مبينا من جميع الوجوه ، بل يكفي في التبادر تعيين المعنى وتشخيصه ، ولو بوجه من وجوهه ، مثلا : بعد العلم بان الصحيح ما تترتب عليه معراجية المؤمن ، والنهي عن الفحشاء ، وبالفعل نطلق اللفظ فيتبادر منه مفهوم وجهه وعنوانه انه معراج المؤمن ، وناه عن الفحشاء.
وبعبارة اخرى : انا لا ندعي ان المتبادر من هذه الالفاظ مفهوم مبين من كل وجه ومعلوم بنفسه وبشخصه ، بل المتبادر منها مفهوم مبين بوجه من وجوهه وهو انه به تحصل معراجية المؤمن ، والنهي عن الفحشاء ، فلا يضر الاجمال في دعوى التبادر وقد اشار المصنف الى هذا الايراد وجوابه بقوله : «ولا منافاة بين دعوى ذلك» أي التبادر «وبين كون الالفاظ ... الخ».
نعم ، لو لم تكن هذه الالفاظ مبينة اصلا ، ولا بوجه من الوجوه لما صح دعوى التبادر ، إلّا أنّك عرفت انها مبينة بوجوه كثيرة ، ككونها معراج المؤمن ، وقربان كل تقي ... ، وغير ذلك من وجوهها. هذا ، ولكن لا تخلو دعوى التبادر في اثبات ان هذه الالفاظ موضوعة للصحيح عند الشارع من شيء ، لأن المدعى : وهو كون الالفاظ موضوعة عند الشارع للصحيح ، فلا بد وان تكون متبادرة كذلك عند الشارع. واما تبادر غير الشارع للمعنى الصحيح منها فهو يدل على انها كذلك عنده ، لا عند