والتثنية والجمع وان كانا بمنزلة التكرار في اللفظ ، إلا ان الظاهر ان اللفظ فيهما كأنه كرر واريد من كل لفظ فرد من افراد معناه ، لا أنه اريد منه معنى من معانيه ، فاذا قيل ـ مثلا ـ : جئني بعينين اريد فردان من العين الجارية والعين الباكية.
والتثنية والجمع في الاعلام انما هو بتأويل المفرد الى المسمى بها ، مع انه لو قيل : بعدم التأويل وكفاية الاتحاد في اللفظ في استعمالهما حقيقة بحيث جاز ارادة عين جارية وعين باكية من تثنية العين حقيقة لما كان هذا من باب استعمال اللفظ في الاكثر لأن هيئتهما إنما تدل على ارادة المتعدد مما يراد من مفردهما فيكون استعمالهما وإرادة المتعدد من معانية استعمالا لهما في معنى واحد ، كما اذا استعملا واريد المتعدد من معنى واحد منهما كما لا يخفى :
نعم لو اريد ـ مثلا ـ من عينين فردان من الجارية وفردان من الباكية كان من استعمال العينين في المعنيين ، إلا أن حديث التكرار لا يكاد يجدي
______________________________________________________
والشيء بشرط لا» ، فلا تكون العلاقة بينهما علاقة الجزء والكل ، بل نسبة كل منهما الى الآخر نسبة المباين الى المباين ولا علاقة بينهما فلا يصح الاستعمال فتأمل.
الايراد الثالث : ان قيد الوحدة لو كان مأخوذا في المفرد لكان مأخوذا في التثنية ايضا ، لان اللفظ في التثنية موضوع للاثنين بشرط ان لا يكون معهما غيرهما ، فاستعمال التثنية في الاكثر من الاثنين الذي هو معنى استعمالها في الاكثر من معنى ـ كما سيأتي بيانه ـ هو استعمال لها مع غيرها. وهذا الغاء لقيد الوحدة المأخوذ فيها ، فهي اذا كالمفرد ، فاذا كان استعمال اللفظ المفرد في اكثر من معنى جائزا مجازا يكون في التثنية ـ ايضا ـ جائزا مجازا ، لإلغاء قيد الوحدة في كليهما على السواء.
والى هذا اشار في آخر كلامه على التثنية بقوله : «فان فيه الغاء قيد الوحدة المعتبرة ايضا ضرورة».