فالمعنى في كليهما في نفسه كلي طبيعي يصدق على كثيرين ، ومقيدا باللحاظ الاستقلالي أو الآلي كلي عقلي ، وإن كان بملاحظة أن لحاظه وجوده ذهنا كان جزئيا ذهنيا ، فإن الشيء ما لم يتشخص لم يوجد ، وإن كان بالوجود الذهني ، فافهم وتأمل فيما وقع في المقام من الاعلام (١) ،
______________________________________________________
وآليا له ، بخلاف الاسم فان شرطه : استعمال الاسم فيما كان المعنى ملحوظا بنفسه ، وبالاستقلال ، ولو استعمل احدهما في موضع الآخر لم يكن استعمالا في غير ما وضع له ومن الاستعمال المجازي.
نعم ، هو استعمال مناف لشرط الواضع فيكون من الاستعمال بغير ما وضع له كاستعمال لفظ في معنى على وجه الحقيقة ، ولم يكن قد وضع له ، ولا بقصد الوضع له ، فيكون من الاستعمالات الغلطية ، لا المجازية وهذا مراده من قوله : «لما كان مجازا واستعمالا له في غير ما وضع له ، وان كان بغير ما وضع له» وقد تقدم فيه الكلام مفصلا ، وان حقيقة المعنى الحرفي مباينة بالذات للمعنى الاسمي ، وان قولهم : ما دل على معنى في غيره تعريف لحقيقة المعنى الحرفي ، وان ذاته متقومة بالطرفين فراجع.
(١) لا يخفى ان اصطلاح القوم في هذه الكليات الثلاثة ان المعنى المتصف بالكلية وقابليته الصدق على كثيرين ان نفس الموصوف والمعنى يسمى : بالكلي الطبيعي ، ونفس كليته وقابليته للصدق على كثيرين يسمى : بالكلي المنطقي ، والمجموع من الموصوف والصفة : أي المعنى وكليته يسمى بالكلي العقلي ، فالكلي العقلي هو المعنى المتصف بالكلية ، غايته ان الكلية بنفسها من الامور التي لا تحقق لها الّا في العقل ، ولذا سمى الموصوف بها بالكلي العقلي ، وليس كل امر متقيد باللحاظ الذهني يسمى عندهم بالكلي العقلي ، لبداهة ان الكلية والجزئية من صفات ذات المعنى مع غض النظر عن كونه مقيدا بالذهن او الخارج ، والّا فمع تقيد المعنى بالذهن لا يعقل وصفه بالكلية ، فان معنى تقيده بالذهن هو معنى كونه موجودا متشخصا ، وكل