.................................................................................................
______________________________________________________
ولا يخفى انهم اتفقوا على انه في المتلبس بالحال حقيقة ، وفيمن سيتلبس في الاستقبال مجاز. والنزاع فيمن تلبس وانقضى عنه.
واتفقوا ايضا انه اذا كان الجري والحمل بلحاظ حال التلبس فهو حقيقة في الاحوال الثلاثة ، فاذا قيل : زيد كان ضاربا امس ، وزيد يكون ضاربا غدا ، وزيد ضارب الآن ، فانه في هذه الامثلة الثلاثة المشتق حقيقة في الجميع ، فلا بد وان يكون محل الاتفاق على المجازية في الاستقبال هو ان يكون الجري والحمل في الحال ، والتلبس في الاستقبال ، وكذلك محل النزاع فيما انقضى عنه : هو ان يكون الجري والحمل في الحال ، والتلبس فيما مضى.
وبعد بيان هذه المقدمة نقول : لا يخلو المراد من الحال في العنوان ، هل هو حال النطق ، او حال النسبة ، او حال التلبس؟
ولا مجال لأن يكون المراد من الحال حال النطق ، فان كون مرادهم من الحال حال النطق ينافي اتفاقهم على انه اذا كان الجري بلحاظ حال التلبس فهو حقيقة ، حتى في الاستقبال ، فضلا عن زمن الاقتضاء ، فان المفروض ان زمان النطق خال عن التلبس ، فلو كان مرادهم من الحال حال النطق لكان لازم هذا ان يكون المتيقن من المصداق الحقيقي منحصرا في التلبس الذي يكون في حال النطق ، والتلبس الذي يكون في غير حال النطق فهو مجاز وان كان الجري بلحاظ حال التلبس ، وهذا ينافي ما ذكرنا من اتفاقهم على ان الجري اذا كان بلحاظ حال التلبس فهو حقيقة حتى في الاستقبال ، وهذا مراد المصنف من قوله : «ضرورة ان مثل كان زيد ضاربا امس» الى قوله : «بلا خلاف».
وحاصله : ان ضرورة اتفاقهم على كون المثالين حقيقة ، لأن الجري بلحاظ حال التلبس لازمه ان لا يكون مرادهم من الحال في العنوان حال النطق ، لما عرفت من انه لو كان المدار على حال النطق لكان المثالان من المجاز ، لوضوح عدم تلبس زيد بالضرب في حال النطق في المثالين.