إن قلت : لعل ارتكازها لاجل الانسباق من الاطلاق ، لا الاشتراط (١).
______________________________________________________
ويحتمل ان يكون مراد بعض الاجلة غير هذا فان هذا الاشكال والجواب عنه من الشائعات التي يبعد ان تخفى ، وان مراده هو ان التضاد الذي جعل دليلا للوضع لخصوص المتلبس هو من المصادرات ، وان القائل بالوضع لخصوص المتلبس يرى التضاد ، واما من يقول بالوضع للاعم فلا يرى تضادا بين القائم والقاعد ، ولا بين الاسود والابيض.
والجواب عنه : ان التضاد المدعى لنا ليس هو التضاد عندنا ، بل عند العرف الذي لا يعرف من هذا النزاع شيئا أو عند كل احد حيث يرجع الى فطرته وارتكازه ، وانكار التضاد الارتكازي مكابرة لا مصادرة ، فان العرف يرى ان بين المفهوم الموضوع له لفظ الاسود ، والمفهوم الموضوع له لفظ الابيض تضادا ، وان احدهما لا يجتمع مع الآخر بجميع ما له من المعنى ، وانكار هذا التضاد مما لا ينبغي ان يرتاب في بطلانه ، واذا ثبت التضاد فلازمه الوضع لخصوص المتلبس ، وقد اشار الى الايراد بقوله : «من عدم التضاد على القول بعدم الاشتراط» والى الجواب بقوله : «لما عرفت من ارتكازه بينها كما في مبادئها» : أي لا فرق في المرتكزات بين المبادئ ومشتقاتها من ثبوت التضاد فيهما معا واذا ثبت التضاد بين المشتقات فليس ذلك الا للوضع لخصوص المتلبس.
(١) وحاصله : أن التضاد لا يثبت الوضع لخصوص المتلبس ، لجواز ان يكون موضوعا للاعم ، ولكن ينصرف منه عند اطلاقه خصوص المتلبس ، فالتضاد بين المشتقات لانصرافها الى خصوص المتلبس ، لا لأن المتلبس هو الموضوع له ، فليس التلبس شرطا في ما هو الموضوع له ، بل هو احد افراد الموضوع له ينصرف اليه عند الاطلاق ، وهذا معنى قوله : «لعل ارتكازها لأجل الانسباق من الاطلاق ، لا الاشتراط» أي ان المتلبس هو المنصرف اليه ، لا أن التلبس شرط في الموضوع له.