قلت : لو سلم ، لم يكن يستلزم جري المشتق على النحو الثاني كونه مجازا ، بل يكون حقيقة لو كان بلحاظ حال التلبس ـ كما عرفت ـ فيكون معنى الآية ، والله العالم : من كان ظالما ولو آنا في الزمان السابق لا ينال عهدي أبدا ، ومن الواضح أن إرادة هذا المعنى لا تستلزم الاستعمال ، لا بلحاظ حال التلبس (١).
______________________________________________________
(١) حاصله : انه اولا : لا نسلم كون الاستدلال مبنيا على الظهور الوضعي الحقيقي ، بل الاستدلال يبتني على الظهور اعم من كونه وضعيا حقيقيا او مجازيا بالقرينة.
وفيه ما لا يخفى ، فان الاستدلال من الامام كان بالآية فاما ان يكون للظالمين ظهور وضعي في كونهم في وقت التولي للامامة ظالمين فيتم الاستدلال ، ولكن هذا انما يصح ويتم على الوضع للاعم. واذا لم يكن الظهور وضعيا ، كما هو بناء على الوضع لخصوص المتلبس ، فلا بد من وجود قرينة في الآية تدل على ان الظالمين استعمل فيمن انقضى عنه الظلم ، والمفروض انه لا قرينة.
ويمكن ان يقال : ان هناك ثلاثة افراد : فردين محققين معلومين لا يحتاجان الى بيان في القرآن ، وفردا مشكوكا ، وهو الذي يحتاج الى البيان ـ فرد متلبس بالسجود للصنم بالفعل ، وفرد لم يسجد للصنم اصلا لا سابقا ولا لاحقا ، وفرد سجد للصنم فيما مضى ثم اسلم وترك عبادة الاوثان ـ.
ولا شبهة في انه من البديهي الضروري ان من كان متلبسا فعلا بالسجود للاصنام لا يعقل ان يكون في حال تلبسه بذلك اماما للخلق وهاديا لهم وواقعا في طريق ايصال الناس الى معرفة ربهم وموصلا لهم احكامه تبارك وتعالى.
والفرد الثاني لا اشكال في امكان جعله اماما فانه لو لم يكن الامام من هذا القسم للزم ان ينزل الله أئمته من السماء ، فان هذا القسم اعلى اقسام البشر الموجودين في زمان جعل الامامة.