أن الظاهر عدم اعتبار الاستعلاء ، فيكون الطلب من العالي أمرا ولو كان مستخفضا لجناحه. وأما احتمال اعتبار أحدهما فضعيف ، وتقبيح الطالب السافل من العالي المستعلي عليه ، وتوبيخه بمثل : إنك لم تأمره ، إنما هو على استعلائه ، لا على أمره حقيقة بعد استعلائه ، وإنما يكون إطلاق الامر على طلبه بحسب ما هو قضية استعلائه ، وكيف كان ، ففي صحة سلب الامر عن طلب السافل ، ولو كان مستعليا كفاية (١).
______________________________________________________
ايضا ينافي ما ذكره في قوله فيما سبق : من انه لا يبعد ان يكون لفظ الامر مشتركا لفظيا بين الطلب في الجملة والشيء.
(١) المعروف ان الطلب من العالي الى السافل امر ، ومن المساوي للمساوي التماس ، ومن السافل الى العالي رجاء او دعاء ، فكون الطلب صادرا من عال الى السافل مقوم لصدق الامر ، والظاهر انه لم يذهب احد الى ان الامر كالطلب يصدق على هذه الثلاثة باجمعها كما يصدق عليها الطلب ، فان الملتمس والراجي مع عدم استعلائهما لا يصدق عليهما الامر.
وانما الكلام في انه هل يكفي العلو الواقعي في الامر؟ أو لا بد مع كونه عاليا في الواقع مظهرا لذلك العلو بأن يكون مستعليا؟ أو ان حقيقة الامر تتقوم بالاستعلاء لا بالعلو الواقعي؟ فاذا كان الملتمس او الراجي مدعيا للاستعلاء وانه عال بحسب ادعائه صدق على الصادر منه الامر ، واذا كان العالي في الواقع خافضا لجناحه ومظهرا نفسه بعنوان الملتمس او الراجي لم يصدق على طلبه الامر ، او ان المدار على احد امرين على سبيل منع الخلو : أي ان صدق الامر منوط باحد امرين : اما العلو الواقعي فما يصدر منه من الطلب امر وان كان خافضا لجناحه ، او استعلاء الطالب فيصدق على طلب الراجي والملتمس الامر اذا كانا مستعليين.
والمختار للمصنف : ان الامر يتقوم بكونه من عال واقعا فقط ، ولا يشترط مع كونه عاليا في الواقع ان يكون مظهرا لذلك فيصدق الامر على طلبه وان كان العالي