وتقسيمه إلى الايجاب والاستحباب ، إنما يكون قرينة على إرادة المعنى الاعم منه في مقام تقسيمه ، وصحة الاستعمال في معنى أعم من كونه على نحو الحقيقة ، كما لا يخفى (١) ، وأما ما أفيد من أن الاستعمال
______________________________________________________
انما تكون على الطلب الالزامي فلا بد وان يكون مدلول الامر هو الطلب الالزامي ، ولازم ذلك كون لفظ الامر موضوعا لخصوص الطلب الالزامي الذي هو الوجوب.
والجواب عنه : ان القائل بوضع الامر للاعم ، منهم من يقول بان الامر لا يدل على الوجوب بالوضع ، ولكنه يدل على الوجوب بقرينة الحكمة والاطلاق ، وان الندبي منه يحتاج الى البيان ، فحيث لا يكون المولى في مقام الاهمال ولم ينصب قرينة على الندب فالاطلاق يعين ان المراد من لفظ الامر هو الوجوب ، فلو قال المولى لعبده : امرك يدل هذا على الوجوب بالاطلاق وحيث كان الوجوب مدلولا بالاطلاق صح الاحتجاج والتوبيخ ، ولكنه لا يدل ذلك على كون الامر موضوعا للوجوب ، لان الوجوب قد دل عليه الاطلاق لا لفظ الامر ، واما من ينكر الاطلاق ـ ايضا ـ فهو لا يعترف بصحة هذا الاحتجاج والتوبيخ ، واما التوبيخ في الآية فلا دلالة فيه اصلا ، لأن الامر الذي صدر منه تعالى كان بصيغة الامر لا بلفظ الامر وهو قوله تعالى : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ)(١). ولعل المصنف لهذه المناقشات ذكر هذه الامور الاربعة بلسان التاييد ، دون الاستدلال.
(١) هذا شروع في ادلة المنكرين لوضع لفظ الامر لخصوص الطلب الوجوبي ، بل هو موضوع للاعم منه ومن الطلب الندبي ، وعمدة ادلتهم هو إنكار تبادر الوجوب من لفظ الامر ، بل المتبادر منه الطلب الجامع للوجوب والندب ، وحيث لم يكن تحقق للجامع الّا في ضمن احد فرديه ، فلا بد من تعيينها اما بالقرائن الخاصة أو الاطلاق ، واذا انتفى الامر ان كان لفظ الامر مجملا من ناحية الخصوصية الوجوبية والندبية ،
__________________
(١) الحجر : الآية ٢٩ ، ص : الآية ٧٢.