المحذور خالية ، والاعادة ليست بلا فائدة ولا إفادة ، كان المناسب هو التعرض هاهنا أيضا (١)
فاعلم أن الحق كما هو عليه أهله وفاقا للمعتزلة وخلافا للاشاعرة : هو اتحاد الطلب والارادة ، بمعنى أن لفظيهما موضوعان بإزاء مفهوم
______________________________________________________
(١) حاصله ما استدل به على كون الامر هو خصوص الطلب الانشائي هو التبادر ، ويمكن ان يستدل عليه : بانه من المعلوم ان من اراد شيئا حقيقة ولم يظهر طلبه بانشاء او اشارة لا يقال له : انه امر بشيء ، ولو كان الامر هو الطلب الحقيقي او انه من مصاديق الامر لصح ذلك في حقه ، ومن الواضح ايضا ان المنشأ بصيغة الامر ـ مثلا ـ ليس هو الطلب الذهني فيتعين ان المنشأ بها هو الطلب بمرتبته الانشائية ، لوضوح ان مفهوم الطلب لا يراد الّا في مقام التقسيم والحدود ، فاذا لم يكن المنشأ بالصيغة هو الطلب الحقيقي ولا الطلب الذهني ولا مفهوم الطلب تعين انه هو الطلب الانشائي ، ولما كان المصنف في صدد التعرض لبحث اتحاد الطلب والارادة تنزل عن هذا وادعى انه لو قلنا : ان مفهوم الامر هو الطلب المطلق ولكن لا اقل من انصراف الامر عند اطلاقه الى الطلب الانشائي لكثرة ما يستعمل فيه ، ولا ريب ان كثرة الاستعمال توجب الانصراف ، وهذا الانصراف الى الطلب الانشائي لا يختص به لفظ الامر بل لفظ الطلب ايضا مثله ، فانه اذا اطلق ينصرف منه الى فرده الانشائي ، بخلاف لفظ الارادة فانها اذا اطلقت ينصرف منها الى الفرد الحقيقي من الارادة.
والفرق بينهما في هذا الانصراف اوجب ان يميل بعض اصحابنا من العدلية الى مذهب الاشاعرة المدعين للمغايرة بين الطلب والارادة ، خلافا للعدلية ـ في هذه المسألة ـ القائلين باتحاد الطلب والارادة.
والحق : هو اتحاد الطلب والارادة مفهوما ومصاديق كما هو رأي اهل الحق : أي العدلية وجماعة المعتزلة ايضا ، خلافا للاشاعرة القائلين بالمغايرة.