.................................................................................................
______________________________________________________
وبعد ما عرفت الحق في الاوامر ، وان الطلب هو عين الارادة فيها ، نقول ايضا : انه في الجمل الخبرية هناك مدلول للجملة الخبرية اللفظية وهو ثبوت النسبة ولا ثبوتها كما سيأتي بيانه ، وهناك علم بثبوت النسبة ولا ثبوتها وليس وراء مدلول الجملة والعلم بثبوتها ولا ثبوتها شيء آخر في النفس يكون مدلولا للكلام اللفظي المسمى عند الاشاعرة بالكلام النفسي ، وكذلك الاستفهام والترجي والتمني فان الموجود في انفسنا هو الشوق الى الاستفسار حقيقة والشوق لما يتوقع حصوله والشوق لما لا يحصل ، ولا مانع من تعلق الشوق بما لا يحصل فان المحال ارادة ما لا يمكن ان يحصل ، اما الميل الذي سببه ملائمة الصور في افق الشوق فلا مانع من حصول الميل الى تلك الصور في تلك المرحلة ، فاذا رجعنا الى انفسنا فانا لا نجد غير هذه الاشياء وثبوتها في النفس في افق الشوق وهي المسماة بالاستفهام الحقيقي ، والترجي الحقيقي ، والتمني الحقيقي ، واما مدلول صيغتها فليس الّا الانشاء كما سيأتي الكلام فيه ، فاين الكلام النفسي فيها؟ الذي هو غير الاستفهام الحقيقي ، والترجي الحقيقي ، والتمني الحقيقي الذي جعلوه مدلولا للكلام اللفظي قائما في النفس ، وقالوا :
ان الكلام لفى الفؤاد وانما |
|
جعل اللسان على الفؤاد دليلا |
وهذا الشعر بنفسه اجنبي عن الدلالة على ما ادعوه : من كون الكلام النفسي امرا غير الصفات المذكورة ، فان دلالة هذا البيت على ان الكلام اللفظي الدال على مدلوله المتصور منه يدل بحسب الملازمة ان هناك شيئا في نفس المتكلم يلازم هذه الدلالة اللفظية عبر عنه بالكلام النفسي ، وان هناك شيئا غير مدلول الكلام اللفظي. وعلى كل فالكلام النفسي الذي ادعوه امر غير موجود في انفسنا. نعم ، تحقق هذه الصفات : أي الاستفهام الحقيقي ، والترجي والتمني الحقيقين في ذات الواجب تعالى محال ، لاستلزامه الجهل او محالا آخر ، إلّا انه ليس لازم ذلك ان يكون لمدلولات هذه الصيغ لازم آخر في الواجب غير ما هو اللازم لها في الممكن ، بل معناه