وكذا الحال في سائر الصيغ الانشائية ، والجمل الخبرية ، فإنه لا يكون غير الصفات المعروفة القائمة بالنفس ، من الترجي والتمني والعلم إلى غير ذلك ، صفة أخرى كانت قائمة بالنفس ، وقد دل اللفظ عليها ، كما قيل :
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما |
|
جعل اللسان على الفؤاد دليلا(١). |
______________________________________________________
انا اذا طلبنا شيئا لا نجد غير العلم : أي تصوره وتصور فائدته والشوق الضعيف اولا ، ثم الجزم ثم العزم ثم الارادة ، وليس هناك شيء نسميه بالطلب الحقيقي بعد تمام مقدمات الارادة يكون ذلك غير الارادة فليس «هناك صفة اخرى قائمة بها» : أي بالنفس «يكون هو الطلب» الحقيقي : أي يكون ذلك الشيء الذي هو غير الصفات المعروفة والارادة هو الطلب الحقيقي واذا لم يكن غير المقدمات المذكورة والارادة شيء يكون هو الطلب «فلا محيص عن اتحاد الارادة والطلب» وإلّا لزم اما ان لا يكون لنا طلب حقيقي وهو فاسد قطعا ، أو يكون لنا شيئان حقيقيان الارادة الحقيقية والطلب ، ولا نجد في انفسنا الّا شيئا واحدا أو يكون الطلب الحقيقي هو الارادة وحيث لا نجد في انفسنا شيئا غير ذلك فلا بد «وان يكون ذاك الشوق المؤكد المستتبع لتحريك العضلات في ارادة فعله بالمباشرة أو المستتبع لامر عبيده به فيما لو اراده لا كذلك» : أي لا على نحو المباشرة «مسمى بالطلب والارادة» فيتحد الطلب والارادة «كما يعبر به تارة» فيقال بعد تمام المقدمات المذكورة : طلب المولى أو حصل الطلب الحقيقي ، ويعبر «بها اخرى» فيقال : اراد المولى أو حصلت الارادة.
(١) لا يخفى ان الاشاعرة القائلين بالكلام النفسي ـ وانه صفة من صفاته تعالى قديمة ـ قالوا : انه في الاوامر والنواهي هو غير الارادة وسموه بالطلب ، ولذا قالوا : بمغايرتهما وان الكلام النفسي في الجمل الخبرية هو غير العلم ، وفي الاستفهام والترجي والتمني هو غير الحقيقي منها ، ولم يذكروا له اسما.